ذكرى اسبوع عزة الحر مروة
صباح أمس الأحد ، أحيت عائلة الزميلة الراحلة عزه الحر مروة وأهل بلدتها جباع ولجنة حقوق المرأة اللبنانية ، ذكرى مرور اسبوع على وفاتها . وألقيت كلمة لجنة حقوق المرأة و كلمة اللقاء الوطني لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
الحضور الكريم،
باسم الزميلات في لجنة حقوق المرأة اللبنانية، أتقدم بالتعازي الحارة من عائلة الزميلة عزه ومن أهل بلدة جباع الكرام .
أما بعد، فنلتقي اليوم بعد مرور أسبوع على غياب زميلتنا عزه، هذا الغياب الذي آلم العائلة الكريمة، والزميلات في اللجنة والصديقات والأصدقاء وكل من عرفها وعمل إلى جانبها من أجل قضايا وطنية ومن أجل حقوق الإنسان وبشكل خاص قضية حقوق المرأة.
قيل في وداعها الكثير من كلمات مؤثرة، ومن صفات وقدرات امتلكتها في مسيرة حياتها الشخصية والنضالية طوال عقود، واستحقت التكريم من أكثر من جهة.
في الواقع، أن نؤمن بالقضية فهذا جيد، أما أن نقرر العمل من أجل تحقيقها ما حيينا بحيث تصبح القضية هي المحور وتخلق منا قيمة اجتماعية، فهذا استثناء، وخاصة إذا أدرك الإنسان هويته وحدد انتماءه.
ولعل أصدق وأكثر الكلام تعبيراً عن واقع عاشته عزه، في بداياتها، مقدمة نضالها على ما عداه، هو رسالة الاعتراف التي باحت بها ابنتاها فرح ولارا، في يوم تشييعها، فقد عذرن تضحية والدتهما وانشغالها وغيابها عنهن، واعتبرن أنه الثمن الذي تدفعه المرأة التي آمنت بالعمل الطوعي الوطني والاجتماعي، من أجل تعزيز دور جميع النساء ومنع تهميشهن وسعياً من أجل التغيير وصولاً للعدالة الاجتماعية والمواطنة الكاملة.
وهنا لا بد من الإشارة الى البيئة التي شكلت حافزاً لانطلاقة عزه النضالية ومثابرتها وتفانيها.
إن عزه الحر مروه، الرئيسة السابقة للجنة حقوق المرأة اللبنانية، والتي غالباً ما كانت تفاخر وتقول: أنا خريجة مدرسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية، ومعلمتي هي المناضلة ليندا مطر، التي ستبقى الرائدة وأيقونة العمل النسائي…
نعم كانت اللجنة مصدر اعتزاز لعزه… فوهبتها جل عمر عاشته.
وفي هذه المناسبة، أود الإشارة الى بعض المحطات النضالية التي ساهمت عزه في خوضها من خلال انتمائها الى منظمة نسائية عريقة شكلت علامة فارقة في تاريخ الحركة النسائية بشكل عام، وفي لبنان بشكل خاص.
لقد ناضلت منظمتنا في بداياتها من خلال زميلات منهن من غادرن، وفي أوقات صعبة، وجهدن من أجل إيصال أصواتهن، فجلن في مساحة الوطن من أجل نشر ثقافة حقوق المرأة ومن أجل تحسين ظروف عيش النساء في الريف والمدينة، وفي أحلك الظروف، ولم يكن الزمن مثل هذا الزمن الحالي، زمن التقدم التقني وزمن التواصل الإلكتروني، والدعم المادي للجمعيات غير المسبوق …
ناضلت لجنة حقوق المرأة اللبنانية، وناضلت عزه عبرها كقيادية مميزة وكانت طاقة إيجابية واعية وفعالة في، الحملات المطلبية من أجل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في تنظيم الاعتصامات والوقفات التضامنية ضد الاعتداءات الصهيونية على لبنان، ودعماً للقضية الفلسطينية ولقضايا عربية أخرى، في المشاركة في المؤتمرات العالمية والمحلية، في العمل الدؤوب خلال الحرب الأهلية اللبنانية وتداعياتها المختلفة، في العمل المتواصل من أجل إلغاء التمييز وكل أشكال العنف ضد النساء، في العمل المرحلي من أجل وصول المرأة الى مواقع القرار السياسي، في الأمل الكبير ببناء دولة مدنية علمانية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وطبعاً حصلت إنجازات قانونية على صعيد قضية حقوق المرأة بتعديل بعض الأحكام والمواد التي لا يتسع المجال لذكرها الآن، وبقي الكثير وفي مقدمها : اقرار قانون يعطي للمرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني، الحق بمنح جنسيتها لأولادها، وإقرار القانون المدني للأحوال الشخصية، تنفيذاً للمساواة التامة وتطبيقاً للاتفاقيات الدولية التي أبرمها لبنان منذ وقت طويل .
نعم، إن الإنجازات على صعيد قضية حقوق المرأة هي مكاسب الحركة النسائية اللبنانية مجتمعة،
ومكاسب كل نساء لبنان، وقد سطرت منظمتنا الدور الطليعي في الحركة المطلبية الحقوقية النسوية على مدى ٧١ سنة وقد حفظت في الوثائق، أقول النسوية لأن الرجال نأو بأنفسهم عن هذه الحركة التغييرية ونادراً ما قاموا بأدوار مدافعة أو مناصرة.
ولأننا نعتبر قضية حقوق المرأة قضية وطنية تحتاج كل الجهود من صناع القرار، فإلى متى تبقى عالقة وإلى متى تأجيل إقرارها.
ختاماً،
الزميلة عزه الحر مروه، أحبت نفسها، اعتزت بقدراتها، أحبت الحياة وتركت أثراً ملحوظاً في مسيرة الدفاع عن حقوق المرأة .
رحلت عن ساحات النضال وتركت ذكرى لا تنسى.