ورشة العمل الاقليمية
مشروع مذكرة
لتعديل قوانين الاحوال الشخصية في لبنان
نحو قانون مدني الزامي موحد
شبكة
التحالف الوطني
لبنان
مذكرة مقدمة من شبكة التحالف الوطني
د. سمير دياب
الاردن-
عمان 29 و30 تموز 2009
الموضوع:
مذكرة لتعديل قوانين الاحوال الشخصية المعمول بها في لبنان
المرجع
: شبكة التحالف الوطني في لبنان
الهدف
: إقرار قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في لبنان.
مقدمة
المواطنة مفهوم`
حقوقي سياسي وقانوني
يرتبط بالدولة الديمقراطية الحديثة،وبمبادئ الحرية والعدالة
والمساواة الذي كرسه فيما بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وحرمان المواطن/ة من حقوقه، يعني حرمانه من حقوقه كإنسان.
في المنطلقات
تأسيسا على ذلك، فإن التحالف الوطني في لبنان يرى في حرمان المراة
اللبنانية، والتمييز اللاحق بها من خلال " انظمة الاحوال
الشخصية الطائفية والمذهبية المعمول بها في لبنان منذ تأسيس الدولة
عام 1926 لحد اليوم" وكل ما يترتب على الاستمرار في تطبيقها من
انعكاسات ونتائج سلبية ترتد على المرأة كإنسان، وعلى الاسرة كخلية
أساسية في بناء المجتمع، وعلى المجتمع ككل. يرى في ذلك منطلقا
إنسانيا أولا، ثم حقوقيا ثانيا، لطرح هذه " المذكرة" بكل
مندرجاتها وحيثياتها وموجباتها، بهدف تعديل وتحديث القوانين
الشخصية القائمة التي "تقسًم ولا توًحد، وتهمَش ولا تشارك
،وتمًيز ولا تساوي" بين إنسان وآخر، وبين إمرأة وإمراة في لبنان،
من أجل إقرار قانون مدني موحد للاحوال الشخصية، يواكب
العصر، ويساوي بين الرجل والمرأة دون تصنيف في سلم حق المواطنة،
ودون تمييز في الحقوق والواجبات، ما يعيد للمرأة اللبنانية
حقا مشروعا كفلته كل الشرائع والعهود والاتفاقيات الانسانية
الدولية.
في الواقع
تفرد لبنان منذ تأسيسه في بنية وتركيبة نظام سياسي-
طائفي لا يشبه احدا، لا في المنطقة ولا في العالم. بحيث، أن"
فرادته المتخلفة" المسماة ديمقراطية برلمانية ساهمت كل
عقد او عقدين من الزمن في دفع الاختلالات البنيوية الى اشكال من
الصراعات والحروب الاهلية عمقت الشرخ الطائفي والمذهبي، ولم تزل
تفعل العصبيات الطائفية فعلها في داخل نسيجً المجتمع اللبناني،
كأنعكاس طبيعي لفقدان النظام السياسي القائم دوره ووظيفته، وبناء
الدولة المدنية الوطنية الواحدة، بديلا عن الدولة الطوائفية
القائمة، ما جعل "تميز" لبنان ينعكس سلبا وليس ايجابا على
المواطن/ة اللبناني وعلى حقوقه بالتدرج حسب طائفته او مذهبة، وعلى
الاسرة والمجتمع، ما ادى بحكم طبيعة النظام الى إضعاف شعور الفرد
بالانتماء وللولاء للوطن، والالتصاق بالانتماء للطائفة
(المرجعية)، الامر الذي ترك ساحته عرضة للتجاذبات والنزاعات
والصراعات الطائفية التي تتغذي من نبع سياسة المحاصصات الطائفية
للنظام، وشًرع أبواب سيادته واستقلاله امام تدخل العناصر الاقليمية
والدولية في شؤونه، ما ادى الى فقدان المناعة الوطنية، والحق الفرد
بالعائلة والعائلة بالمذهب والمذهب بالطائفة، وهكذا..، استطاع
النظام السياسي سلب حقوق المواطن، بحجة الحماية الطائفية،
واقام وما يزال تمييزا واضحا بين مواطن وآخر، وبين مواطنة واخرى،
تحت صيغ دستورية وقانونية وتشريعية تكرس الامتيازات الطبقية
والطائفية الخاصة على حساب تأسيس وترسيخ الدولة الوطنية الحديثة .
وما يدفعنا نحو ثقافة الحقوق المتساوية هي إشكالية
التنمية الاجتماعية المتصلة بالمساواة في الحقوق والواجبات بين
المرأة والرجل، وفي مختلف الميادين الاجتماعية والثقافية
والاقتصادية والسياسية. فالتنمية تتبع منهجاً شمولياً متكامل
الأبعاد، وهي بطابعها إنسانية بإمتياز.
وارتباط ذلك بمسألة
حقوق الإنسان. وحقوق المرأة هي حقوق المرأة الإنسان، وبالتالي فإن
أية معالجة لمسألة تكريس واحترام حقوق الإنسان في أي مجتمع يجب أن
تشمل مؤشرات حول مدى استفادة المرأة من هذه الحقوق.
في الاعتبارات
القانونية التي تحكم حاجتنا لقانون مدني الزامي موحد
الاعتبار الاول
التزام لبنان المواثيق والاتفاقيات الدولية الضامنة لحقوق الإنسان،
بما فيها حرية المعتقد والزواج
تعهد لبنان الالتزام بمواثيق دولية تكفل، في صورة مباشرة وغير
مباشرة، اقرار نظام للزواج المدني، وذلك بموجب مقدمة الدستور
اللبناني التي أضيفت في العام 1990 غداة اتفاق الطائف (الفقرة "ب"
من الدستور تنص على ان" لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو
مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو
مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان
العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق
والمجالات دون إستثناء" .
وقد
اعتبر اجتهاد
المجلس الدستوري اللبناني
ان
مقدمة
الدستور
هي
جزء
لا
يتجزأ
منه،
وأن المبادئ
الواردة
فيها
تتمتع
بقيمة
دستورية
شأنها
في
ذلك
شأن
أحكام
الدستور
نفسه، واللافت
كذلك
في
اجتهاد
المجلس
الدستوري
أنه
يستند
أيضًا
في
قراراته
إلى
العهد
الدولي الخاص
المتعّلق
بالحقوق
المدنية
والسياسية
والعهد
الدولي
الخاص
المتعّلق
بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية،
معتبرًا
انها تؤلف الى جانب الاتفاقات الدولية الاخرى وخاصة المتعلق منها
بحقوق المرأة ... حلقة متممة للإعلان العالمي لحقوق الانسان.
والقانون اللبناني يغلّب
صراحة المعاهدات الدولية عند تعارضه واحكامها (المادة 2 من قانون
اصول المحاكمات المدنية الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 90 تاريخ
16/9/1983 وتعديلاته). وقد كرّس المجلس الدستوري في لبنان - وهو
الجهة القضائية المخوّلة ابطال القوانين التي يصدرها مجلس النواب
والتي تكون متعارضة مع الدستور - هذا المبدأ القانوني في قراريه
الرقم 1 والرقم 2/97 تاريخ 12 ايلول 1997 القاضيين بابطال
القانونين الرقم 654 والرقم 655 تاريخ 24 تموز 1997 المتعلقين
بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة يومها، مستنداً
في ذلك الى تعارضهما واحكام العهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية، وهو ميثاق دولي أبرمه لبنان.
ومن الحقوق التي تضمنها المواثيق الدولية، نبذ التمييز بسبب الجنس
او الدين، والمساواة في الحقوق امام القانون لا سيما بين الرجل
والمرأة، والحق في الزواج وتكوين أسرة، وحرية التفكير والمعتقد
والدين والاعتراف بحق الاقليات الدينية، وحق ممارسة هذه الحريات.
اما المواثيق الصادرة عن الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة و
التي كرّست هذه الحقوق ، فأبرزها:
1- ميثاق هيئة الأمم المتحدة لعام 1945 (صادر بتاريخ 26/6/1945
ومصادق عليه من جانب لبنان بتاريخ 25/9/1945 مقدمته والفقرة 3 من
المادة 1 منه).
2- الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 والذي ساهم لبنان في
صوغه (صادر بتاريخ 10/12/1948 المواد 1 و2 و7 و16 و18 من الاعلان
العالمي لحقوق الانسان).
3- العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966
والذي انضم اليه لبنان في العام 1972 (صادر بتاريخ 16/12/،196 انضم
اليه لبنان بموجب القانون المنفذ بالمرسوم الرقم 3855 والمؤرخ في
1/9/1972 المواد 2 و3 و18 و23 و26 و27).
وللحؤول دون امكان تحلّل الدول من أحكام هذه المواثيق بالانضمام
اليها شكلياً فحسب، نصت على أنه لا يسوّغ لأي دولة او جماعة او فرد
تأويل احكامها او منع تطبيقها. وفي مطلق الاحوال، تعهدت الدول
المنضوية تحت لوائها، بموجب نصوص واضحة فيها، بأن تتخذ الاجراءات
التشريعية اللازمة لتنفيذ التزاماتها (المادة 30 من الاعلان
العالمي لحقوق الانسان والفقرة 2 من المادة 2 من العهد الدولي
للحقوق المدنية والسياسية). ولم يكتف لبنان بالمصادقة على المواثيق
الدولية المذكورة، وانما ذهب في مقدمة دستوره الى حد التعهد بأن
"تجسد الدولة اللبنانية هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون
استثناء" (الفقرة "ب" من مقدمة الدستور). وهكذا، فحيث ان لبنان قد
أبرم العهد الدولي المشار اليه العام 1972 عاد واستحدث العام 1990
مقدمة لدستوره، الامر الذي يعتبر من قبيل تجديد التزامه بالاحكام
الدولية هذه.
واضافة الى هذه المواثيق الاساسية المعروفة، نقع على مواثيق دولية
اخرى صادرة عن المرجعية الدولية نفسها وتتعلق مباشرة بحرية الزواج،
وهي تربو الى عقود طويلة خلت فيما لبنان ما زال بعيداً عن تطبيقها
كـ"اتفاق الرضى بالزواج والحد الادنى لسن الزواج وتسجيل عقود
الزواج" لعام 1962 (صدقت بموجب القرار 1763 الف/ د-17 بتاريخ
7/11/1962 ودخلت حيز النفاذ بتاريخ 9/12/1964)، والتوصية بالتسمية
نفسها لعام 1965 (الرقم 2018/ د-20 بتاريخ 1/11/1965).
وتشير لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الانسان في البند 17 من
الملاحظات الختامية حول التقرير المقدم من الحكومة اللبنانية لعام
1997 الى عدم التزام لبنان بتعهداته الدولية لجهة احترام حرية
الزواج.
"... وتشعر اللجنة بالقلق (كذلك) إزاء (توافق) القوانين والانظمة
التي لا تسمح للمواطنين اللبنانيين بأن يبرموا عقود زواج الا وفقاً
لقوانين واجراءات احدى الطوائف الدينية المعترف بها...".
وقد ذهبت اللجنة الى أبعد من مجرد وصف الواقع القانوني للزواج في
لبنان، فدعته الى سن قوانين مدنية للزواج تكون متاحة لكل انسان، اذ
جاء في البند 18 من الملاحظات الختامية للجنة ما حرفيته:
"... وتوصي اللجنة بأن تستحدث في لبنان، اضافة الى القوانين
والاجراءات القائمة التي تنظم الزواج، قوانين مدنية بشأن الزواج
والطلاق متاحة لكل انسان".
الاتفاقية الدولية للقضاء على
جميع
أشكال التمييز ضد المرأة
(CEDAW)
أبرمت الدولة اللبنانية إتفاقية ( سيداو) في تموز عام 1996، وتحفظت
الحكومة على بعض موادها (الفقرة 2 من المادة 9 المتعلقة بالجنسية
والبنود (ج) و (د) و (و) و (ز) من الفقرة أ من المادة 16، وهي
المتعلقة بإعطاء المرأة :
ج-
نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
د-
نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في
الأمور المتعلقة بأطفالها؛ وفي جميع الأحوال، تكون مصالح الأطفال
هي الراجحة.
و-
نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على
الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية،
حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني؛ وفي جميع الأحوال، تكون
مصالح الأطفال هي الراجحة.
ز-
نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم
الأسرة، والمهنة، والوظيفة.
هذه التحفظات نسفت فعليا
ما كانت الحكومة اللبنانية قد مهرته بتوقيعها وموافقتها. ونعني به
المادة الأولى من الاتفاقية التي تحدد مصطلح "التمييز ضد
المرأة" بأنه "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس
ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة، على أساس
تساوي الرجل والمرأة، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي
ميدان آخر، أو يطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها
وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية". كما نسفت كليا
المادة الثانية وهي روح وجوهر الاتفاقية.
الاعتبار
الثاني
ضمان حرية المعتقد والممارسة في الدستور اللبناني
إضافة
الى التزام لبنان المواثيق الدولية، فقد كرّس الدستور اللبناني في
متنه حرية الرأي والمعتقد والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع
المواطنين- مقدمة الدستور ( ج) التي نصت على أن: "لبنان جمهورية
ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها
حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق
والاجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل بينهم"
المادة 7 من الدستور:
تنص على أن " كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون
بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات
العامة دونما فرق او تفضيل بينهم.
ومن المهم التركيز في وجه خاص على المادة التاسعة من الدستور
التي ضمنت حرية المعتقد "بصورة مطلقة" واحترام انظمة
الاحوال الشخصية "للأهلين على اختلاف مللهم" بحيث لم تكن
هذه المادة الدستورية الصريحة موضع خلاف بين اللبنانيين بل شكلت،
الى حد بعيد، قاسماً جامعاً بينهم، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم.
ولم يطرأ اي تعديل على هذه المادة التي يرجع وضعها الى ما قبل
العام 1926 وتحديداً الى الانظمة الدستورية العثمانية وقت كان ما
يسمى نظام "الملّة". وهذا يشير الى ان للاحوال الشخصية في لبنان،
على اختلاف انظمتها، دينية كانت ام مدنية، اطاراً دستورياً حاضناً،
بخلاف ما علق في ذهننا ورسخ في ثقافتنا العامة.
الاعتبار الثالث
وجود قوانين لبنانية حالية تقر الحق بالزواج المدني
لا نسند حجة الزواج المدني في لبنان الى المواثيق الدولية
المتعلقة بحقوق الانسان وحرية المعتقد والزواج، ولا الى احكام
الدستور اللبناني، فحسب وانما، ايضاً وفي شكل خاص، الى القرار
الرقم 60 ل.ر وتعديلاته المتعلق باقرار نظام الطوائف الدينية
والصادر لاحقاً للمادة التاسعة من الدستور بتاريخ 13 آذار 1936 عن
المفوض السامي للجمهورية الفرنسية الدكتور دي مارتيل الذي كان
يمارس مهمات السلطة الاشتراعية زمن الانتداب الفرنسي على لبنان.
يُعتبر القرار 60 ل.ر على جانب كبير من الاهمية من حيث إقراره
بوجود طوائف مدنية الى جانب الطوائف الدينية التاريخية، سماها
"طوائف تابعة للقانون العادي" واولاها حق تنظيم شؤونها وادارتها
"بحرية ضمن حدود القوانين المدنية" (المادة 14 من القرار). ومثل
الطوائف الدينية، التي سماها القرار "طوائف ذات النظام الشخصي"،
فإنه يمكن الطوائف التابعة للقانون العادي، بحسب القرار، الحصول
على الاعتراف بها شرط الا تتعارض مبادئها مع الامن او الآداب
العامة، او مع دساتير الدول ودساتير الطوائف، وان يكون عددها
كافياً والضمانات الكافلة استمرار وجودها (المادة 15 من القرار).
وفيما جاء القرار على ذكر الطائفة المدنية، لم يُقرّ لها في ما
بعد، على خلاف الطوائف الدينية، قانون للزواج ولسائر مسائل الاحوال
الشخصية الاخرى.بمعنى
أن المطالبة بقانون مدني
لم يجر سابقا، ولا يجري حالياً لاكتساب حق وكأنه غير موجود او غير
مقرّ رسمياً. بل المطالبة هي لإقرار قانون يترجم عملياً هذا الحق
الدستوري والقانوني المحصّن دوليا ووطنيا، لكنه بفعل طبيعة النظام
السياسي- الطائفي هذا الحق ممنوع من الصرف – خوفا على امتيازات
الطوائف ال18 المعترف بها في لبنان.
فمبدأ الحق - القانوني موجود منذ ثلاثة أرباع القرن، ونقل هذا
الحق الى حيز التنفيذ مطلب مزمن، ووضع نصوص متكاملة لقانون مدني
موحد للاحوال الشخصبة يضمن حقوق كافة الاعتبارات الموجبة التي ترعى
حقوق الانسان وحريته الشخصية، دون تمييز او تفضيل وفق القواعد
العامة والاصول. حاجة وضرورة وطنية في لبنان .
الاعتبار الرابع
تسجيل عقود الزواج المدني المبرمة في الخارج، في لبنان، والفصل بها
من جانب المحاكم اللبنانية
يبيح القانون اللبناني تسجيل عقود الزواج المنعقد خارج الاراضي
اللبنانية في لبنان متى اُحتفل بالزواج وفق الشكل المتبع في البلد
الاجنبي (مثلاً: فرنسا، ايطاليا، اليونان، قبرص...). فيكون هذا
الزواج صحيحاً ونافذ المفاعيل في لبنان، ويسجل في دوائر الاحوال
الشخصية دون إخضاعه لاي معاملة دينية، وإنما للاجراءات الادارية
العادية، فحسب. ويُعترف بمفاعيله كافة، مع بقائه خاضعاً لقانون
المحل حيث عقد الزواج (المادة 25 من القرار 60 ل.ر لعام 1936).
وتفسّر محكمة التمييز المدنية ذلك بأن مثل هذا الزواج يكون خاضعاً
في لبنان للقانون المدني. وبما انه لا يوجد قانون مدني في قضايا
الاحوال الشخصية في لبنان، فإن القانون المدني المعني الذي
يطبق على شروط الزواج وآثاره هو قانون محل إجراء عقد الزواج الذي
اختاره الفريقان وارتضيا احكامه (قرار محكمة التمييز رقم 146 تاريخ
27 كانون الاول 1972 ، مجموعة حاتم، ج 134 ص18).
نذكر،ان زواج المسلم من مسلمة او من مسيحية في الخارج وفقاً
للقانون المدني الاجنبي، معترف به من جانب دوائر الاحوال الشخصية
التي تسجله في سجلاتها سنداً لـ"قاعدة المكان يسود العقد"
ورغم عدم خضوع المسلمين للقرار 60 ل.ر
بل تكون المحاكم اللبنانية المدنية صالحة للنظر في المنازعات
الناشئة عن عقد الزواج المدني الذي تمّ في الخارج ما لم يكن
الزوجان من الطوائف المحمدية وأحدهما لبنانياً، فتنظر فيها المحاكم
الشرعية في هذه الحالة (المادة 79 من قانون اصول المحاكمات
المدنية، معطوفة على المادة 18 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني
والجعفري الصادر بتاريخ 16 تموز 1962).
غير أنه من المؤسف القول بأن المحاكم اللبنانية، التي تحكم باسم
الشعب اللبناني، انما تترك في الاحوال المذكورة أعلاه إسناد
احكامها الى القانون الاجنبي الذي احتُفل بالزواج في ظله مع ما
يستتبع ذلك من انتهاك للسيادة القانونية للبنان . (وفق المادة 25
من القرار رقم 60 ل.ر لعام 1936 وتعديلاته، محكمة التمييز المدنية
رقم 146 تاريخ 27 كانون الاول 1972)
في
خصائص النظام السياسي اللبناني
يتمتع النظام اللبناني بأربع خصائص هي:
1- اعتماد المحاصصة الطائفية دستورا
2- اعتماد الاستقلال الذاتي للطوائف ال18 المعترف بها في
ادارة شؤون الاحوال الشخصية، والتحكم بمصير حياة وموت المواطنين
في مجالات الزواج والطلاق والوصاية والولاية والنفقة والارث...
3- حق النقض(الفيتو) للطوائف اللبنانية، في مجالات تُعتبر
حيوية وامتيازية خاصة لادارة مصالحها في شؤون البلاد والعباد.
ووفقا لهذه الخصائص ، فقد حدد الميثاق الوطني لعام 1943 حصة
قانونية محددة لكل طائفة في لبنان للتمثيل السياسي،وفي مختلف
المؤسسات العامة. وجاء اتفاق الطائف في العام 1989 ليعدل هذه النسب
أو الحصص، وفي صلاحيات المؤسسات الدستورية، وفي العلاقات فيما
بينها. واعتمد المحاصصة الطائفية قاعدة للديمقراطية التوافقية. أما
الاستقلال الذاتي في بعض الميادين فقد عبرت عنه خير تعبير المادتان
9 و 10 من الدستور اللتان أقرتا بحق العائلات الروحية اللبنانية
على اختلافها بممارسة شعائرها الدينية بكل حرية وكذلك بإنشاء
مدارسها وبحرية التعليم فيها وبتطبيق تشريعات الأحوال الشخصية
الخاصة بكل منها على أبناء الطائفة والملفت في هذا الأمر هو
المادة 9 التي تقر وتشرع تشريعات خاصة ومتعددة وتعطيها صفة الحق
العام. ومعلوم أن لكل طائفة دينية تشريعات خاصة في ميادين عدة من
الأحوال الشخصية فإذا بالمواطنين اللبنانيين الخاضعين للحق العام
في الأمور المدنية والسياسية، يخضعون في مجال الأحوال الشخصية،
لتشريعات خاصة ذات مصادر دينية وهي مختلفة عن بعضها البعض في
أحكامها من طائفة إلى أخرى.
وعليه يمكن القول أن الدولة اللبنانية واقعة تحت نظام السيادة
المشتركة للطوائف، وليس تحت السيادة الوطنية الديمقراطية
العامة، بمعنى سيادة التشريعات الخاصة على حساب التشريعات العامة
ما يوسع من عمق الازمة الوطنية، وازمة الانتماء والهوية، وما يجعل
المواطن طائفي بالتبعية وخاضع لتشريع طائفته بموافقة ورضا وتواطأ
الطبقة السياسية .
هذا الواقع، الذي ما زال يتفاعل ويتأزم اكثر فأكثر ويترك آثاره
السلبية المتعددة الاوجه على مفهوم المواطنة، والحقوق الانسانية،
ويزيد من طبيعة وحجم التمييز بين المواطنين، وبين المرأة والرجل،
وبين المرأة والمرأة لوجود 15 قضاء روحي ومذهبي يتحكم بالتشريعات
الدينية الطائفية وبشكل مستقل، وكل قضاء يختلف عن الآخر، ما يعني
أن المرأة اللبنانية تختلف عن شقيقتها العربية في طبيعة التمييز
اللاحق بها، فالمرأة عندنا واقعة بين مطرقة (المادة 9 )من الدستور
التشريعات الطائفية المجحفة بحقها بحسب اختلاف الطوائف والمذاهب
الدينية، وبين سندان (المادة 95 ) الطائفية السياسية. ومن الواضح
أن النسب المخصصة للطوائف تكرس البنى الاجتماعية التقليدية وأولها
البنية العائلية الأبوية وهي تتركز أصلاً حول تقدم الرجل وتبعية
المرأة. هذه البنى تعمق التمييز على أساس نوع الجنس في المجتمع
فتوسع الشروخ وتنتج قيماً ثقافية مبررة للتمايز، وفي الوقت نفسه
تساهـم هذه الثقافة في إعادة إنتاج بنى اجتماعية قائمة على التمييز
–
فهي إذن حلقة مفرغة لا تزال المرأة اللبنانية تدفع ثمنها، حيث إن
الأسباب تكرس النتائج، والنتائج تعيد إنتاج نفس العقلية
وهكذا..
في ضرورة تعديل قوانين الاحوال الشخصية في لبنان
إستنادا الى واقع الازمة اللبنانية وظروفها
وتشعباتها وتداخلاتها واختلالاتها، فإن التحالف الوطني يرى إستحالة
الذهاب الى الحلول الترقيعية، او الجزئية، كون مرض النظام
اللبناني هي الطائفية، وبالتالي لا يمكن ولوج طريق الانقاذ
الوطني إلا من خلال إصلاحات جدية، من شأنها معالجة الاختلالات
القائمة ، وفي مقدمة ذلك تشريع قانون جديد للاحوال الشخصية،
مدني موحد للاحوال الشخصية كحاجة وضرورة لتنظيم شؤون وشجون
المواطنين بما يتوافق مع:
-
الشرعة الدولية لحقوق الانسان.
-
احترام حق حرية المعتقد والفكر.
-
عملية الانصهار الوطني اللبناني
-
اعتبار حقوق وحرية المواطن/ة كإنسان فوق كل اعتبار طائفي أو سياسي.
وهذا بالمطلق لا يعني الاعتداء أو المس بالاديان والحريات
الدينية، لكنه حق يرفض الوساطة الحصرية للطائفة في علاقة المواطن
بالدولة.
-
حق الغاء كل اشكال التمييز بين المواطنين على أساس المعتقد.
في الاسباب الموجبة للقانون المدني الموحد للاحوال الشخصية
أولا
:
في الأسباب السياسية:
إن وجود 15 قانون مختلف للاحوال الشخصية في لبنان، وبصلاحيات كاملة
ومستقلة، وبدون تدخل الدولة ومؤسساتها، ساهم في تعميق الازمة
البنيوية، وفي خلق مجتمعات مختلفة، بحقوق مختلفة داخل الوطن
الواحد. هذا الواقع أفرز 15 مواطناً و15 مواطنة، وحول لبنان
بإرادة النظام السياسي القائم فيه، من دولة وطنية واحدة للجميع،
دولة الرعاية الشاملة، إلى دولة كونفدرالية للطوائف، حيث لا دور
للدولة المركزية، ولا قدرة على إتخاذ قرارات نهائية في عدد كبير من
المواضيع التي تتعلق بالأسرة، بدءاً بالزواج والطلاق والأولاد
والإرث وغيرها...
وهكذا، ومن خلال تخلي "الدولة" عن جزء من حقها في التشريع،تحولت
السلطة القضائية في لبنان الى الشريك الضعيف للقوانين الطائفية
التي لم تنتج يوماً مواطناً ومواطنة، بل رعايا يدينون بالولاء
للطوائف التي ينتمون إليها، ولزعمائها على وجه التحديد، كون هؤلاء
يقررون مصيرهم على كافة مستويات الحياة الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية.
وهذا الوضع المشرذم قد أدى، منذ أكثر من 150 عاماً، إلى حروب اهلية
دينية أتت بالويلات على اللبنانيين، قتلاً وتهجيراً وخراباً للقرى
والمدن، وأثرت سلباً على إمكانيات تقدم الدولة اللبنانية باتجاه
متطلبات العصر والحداثة. ولا بد ان نذكر، في هذا المجال، بما جرى
خلال الفترة الممتدة من العام 1975، وحتى العام 1990 التي اجتمعت
فيها كل مقومات الفرز الطائفي والتهجير القسري إلى جانب الاعتداءات
الإسرائيلية التي استفادت من هذا الواقع المرير لتحتل، أولاً، ما
سمي بـ "الشريط الحدودي" ولتوسع دائرة اعتداءاتها وصولاً
إلى إجتياح العاصمة العاصمة بيروت عام 1982، وإن يكن لمدة عشرة
ايام.
لقد سهل النظام الطائفي، إذاً، حصول الاختلالات العديدة والمتنوعة
داخل البنية السياسية للمجتمع، الأمر الذي أسهم في فتح الباب على
مصراعيه أمام الوصايات والتدخلات الخارجية، وأضعف بالتالي وجود
العامل الوطني اللبناني، كما ساعد مراراً في إخضاع لبنان لمواقف
وتوجهات سياسية لم يكن الشعب اللبناني له ارادة وطنية فيها، منذ
الاستقلال حتى اليوم. لا بل كان على النقيض منها، اثبت ذلك في
النضالات الشعبية والوطنية وفي مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وكل
أشكال الوصايات العربية والاقليمية والدولية من اجل الاستقلال
والسيادة الحقيقيين.
أما بالنسبة للمرأة اللبنانية، فتجدر الإشارة إلى أنها كانت العنصر
الأضعف في معادلة الانقسام السياسي على أساس طائفي. فإذا كانت
المرأة، حسب كل قوانين الأحوال الشخصية المعتمدة من قبل الطوائف
كلها، تعتبر ثانوية وهامشية ولا تتمتع بالحقوق التي يتمتع بها
الرجل، خاصة في مجال تنظيم أوضاع الأسرة والقوامة والوصاية، وحتى
الإرث لدى بعض الطوائف، فهذا يعني أنه من غير المسموح لها، وهي
التي لا يمكن لها رئاسة أسرتها، أن تسهم في قيادة البلاد.
لذا، بقيت المرأة اللبنانية مهمشة في كل مواقع صنع القرار السياسي.
وبقي دورها، بالرغم من إقرار لبنان المادة الثانية من "الاتفاقية
الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة"، ضعيفاً وثانوياً.
بدليل ما حصل من تراجع بنسبة اكثر من 30% في مستوى تمثيل المرأة في
الانتخابات النيابية الاخيرة في السابع من حزيران 2009 حيث استقر
العدد على ( 4 نساء) فقط من أصل 128 نائبا.
إن هذه اللوحة السريعة للوضع السياسي في لبنان توضح الأسباب
الموجبة للتحركات المتعددة، خاصة من قبل النساء، والهادفة إلى
إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية. فمثل هذا القانون يؤسس،
دون شك، لإلغاء التمييز اللاحق بالمرأة وكذلك بالرجل، لان
موجباته السياسية تتلخص في:
1-
إن إقرار القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية يوحد جميع
اللبنانيين ويجعل منهم مواطنين متساوين، لهم نفس الحقوق وعليهم
الواجبات نفسها، استنادا للمادة السابعة من الدستور اللبناني.
2-
إن إلغاء الطائفية السياسية، ورفع القيد الطائفي للانتخابات العامة
يساهم في تعزيز الدور الوطني للسلطة التشريعية(النواب)، ويعزز
نسبة صحة وعدالة التمثيل بما في ذلك تمثيل ومشاركة المرأة
اللبنانية في الحياة السياسية، ما يعني التمثيل السياسي العام على
اساس الكفاءة والعمل، وتحت آلية المحاسبة والمساءلة كما في البلدان
العريقة ديمقراطياً. وهذا الانتخاب المطلوب وفقا لقانون ديمقراطي
عصري يقوم على أساس التمثيل النسبي وضمن الدائرة الوطنية
الواحدة، ما يجعل من نواب الأمة ممثلين حقيقيين للشعب وليس
للطوائف.
3-
إن إقرار مثل هذا القانون يجعل من اللبنانيين سواسية تجاه الوظيفة
العام والإدارة العامة للبلاد. فلا توزيع للحصص بين الطوائف، بل
اختيار للشخص المناسب في المكان المناسب، وعلى أساس الكفاءة وحس
المسؤولية.
4-
إن إقرار القانون المدني الموحد يعزز المساواة بين المرأة والمراة،
وبين المرأة والرجل، فتنتفي دونية المرأة وتتحقق ثقافة حقوق
الإنسان. الأمر الذي يفتح أفقاً أمام تقدم المرأة في كافة مجالات
الحياة السياسية وفي كافة مواقع صنع القرار السياسي.
ثانيا:
في الأسباب الاقتصادية
إذا كان زعماء الطوائف وممثليها هم أصحاب الشأن والقرار على كافة
مستويات الحياة السياسية أم الاقتصادية، وبما أن المرأة تعتبر
عنصراً ثانوياً في الطائفة، فإن هذا الواقع ينعكس على وضعها
الاقتصادي عموماً.
فالأزمات الاقتصادية، كتلك التي نعيشها حالياً، تنعكس، أولاً، على
المرأة التي تتعرض للبطالة قبل غيرها، وهي التي لا تزال، بالرغم من
تعديل قانون العمل في العام 2000، تعاني من التمييز في مجالات
الأجور والضمانات، إلى جانب ديمومة العمل.
وهذا الوضع يعني أن أغلبية النساء اللبنانيات غير متحررات من
الناحية الاقتصادية بل إنهن تابعات، الأمر الذي يعرضهن للاستغلال
في المجالين الاجتماعي والسياسي.
هذا، عدا عن أن بعض القوانين اللبنانية التي لا تزال تميز بين
النساء والرجال. والجدير ذكره في هذا المجال أن المرأة لا تزال
تتواجد في الدرجات الدنيا ضمن هرمية المؤسسات الاقتصادية والمالية،
على الرغم من بروز تفوقها في العديد من مجالات العمل، بما فيها
المجال المصرفي والحقوقي والصحي والتربوي والاعلامي..الخ وفي مجال
الدراسات والتقنيات المتطورة....
لذا، فإن موجبات إقرار القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية يمكن
أن ينعكس إيجاباً على أوضاع النساء في المجال الاقتصادي، وتتلخص
في:
-
لان المساواة في مجال الأحوال الشخصية تؤدي إلى تغير إيجابي في
المواقع النسائية داخل المؤسسات الانتاجية وكذلك ضمن عملية الإنتاج
عموماً.
-
لان تماسك الأسرة، والتساوي فيما بينها يلغي اشكال التمييز، ويعزز
عملية الانتاج داخل الاسرة في حال توفرت المساواة في قوانين
التامينات والضمانات الاجتماعية، والغاء التمييز
بين اجور المرأة والرجل...
-
لان حق المرأة في المواطنة الكاملة غير المنقوصة يؤدي الى
الاستقرار، إقرار حق المراة اللبنانية المتزوجة من اجنبي في اعطاء
الجنسية لاطفالها ( المادة 9- اتفاقية سيداو- تحفظ لبنان)،
التعديلات على قانون الضريبة ...
ثالثا:
في الاسباب الاجتماعية :
إذا كانت الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، و لها
الحق بحماية المجتمع والدولة فان " للرجل والمرأة حق تأسيس أسرة ،
دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. و هما يتساويان في
الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج و لدى انحلاله " ( المادة 16
من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) .
إنطلاقا من ذلك نرى في الاسباب الاجتماعية التالي:
-
المساواة والعدالة تحقق الوحدة الاجتماعية للاسرة، التي بدورها
تشكل أمن المجتمع واستقراره، وأمن المجتمع هو جزء لا يتجزأ من امن
"الامة" واستقرارها.
-
الغاء التمييز ضد المرأة يظهر صورة نمطية مغايرة للثقافة الذكورية
السائدة ـ ويقلل من العنف السياسي والاجتماعي والنفسي على المرأة.
-
الشراكة بين الرجل والمراة يساهم في فعالة دور المراة في الشان
العام السياسي والاجتماعي، ويعزز من قدرات التنمية الاسرية
والاجتماعية، في كافة المجالات الصحية والتربوية والنفسية، التي
تحد بدورها من الامية والبطالة والفقر.
في تكريس مبادئ الحريات والحقوق
الانسانية
إذا كانت اهداف تحركات القوى والهيئات الاصلاحية العلمانية
والديمقراطية، تسعى الى تحقيق المساواة وصون العائلة وتعزيز
الديمقراطية عن طريق إصدار قانون مدني موحد للاحوال الشخصية، وإذا
كان البعض يؤيد أن يكون الزواج المدني وفق قانون اختياري في
المرحلة الاولى، أي كمرحلة انتقالية، ولكنهم لا يعتبرون ذلك نهاية
لمعركتهم الاصلاحية، بل ينشدون الوصول الى قانون مدني الزامي موحد
للجميع على حد سواء، وهذا لا يعني التخلي عن القيم والاخلاق
لمجتمعنا، ولا يعني الغاء او حرمان الازواج الذين يرغبون بإعطاء
زواجهم البعد الديني من ان يعمدوا الى اجرائه قبل اجراء الزواج
المدني الالزامي او بعده. وبما يحفظ مبدأ الحرية والمعتقد للجميع
دون تمييز.
انطلاقاً من
روحية ومبدئية هذه الأسباب الأساسية، نؤكد كشبكة تحالف وطتي على
أهمية إقرار القانون المدني الموحّد للأحوال الشخصية، لما يوفره من
دينامية وتحديث لمتطلبات العصر وفق القواعد العامة، وكونه يؤدي
إلى:
-
تكريس
حقوق المواطنة دون تمييزاو تفضيل بين الجنسين.
-
تثبت
السلم الوطني الأهلي
-
إعادة
الدولة لصلاحياتها كاملة، بديلا عن قوانين الطوائف، وتكريس سيادة
سيادة الدولة على كامل أراضيها، عبر تطبيق مبدأ وحدة القانون.
-
إحترام
الحرية الشخصية للأفراد. وإحترام المساواة بين المرأة والرجل،
ويؤكد المساواة بين امرأة وأخرى، من خلال توحيد حقوق كل نساء لبنان
وواجباتهن تجاه قانون موحد ينطلق من أن الشعب هو مصدر السلطات وأن
المرأة جزء لا يتجزأ من الشعب.
القسم الثاني
المبادئ
والقواعد العامة لمشروع القانون المدني الموحد للاحوال الشخصية
إن الأسباب الموجبة
والأساسية تلغي التمييز اللاحق بالمرأة في الأحوال الشخصية، فترفع
الحكومة التحفظات عن الاتفاقية الدولية (سيداو) وتحترم ما جاء في
مقدمة الدستور، والمادة السابعة منه، حول مبدأ المساواة بين كل
اللبنانيين.
لذا، نعرض
المبادئ العامة لمشروع القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية وفق
العناوين التالية:
1- في مفهوم الزواج المدني وشروطه:
أ- مفهوم الزواج المدني .
الزواج المدني ينظر إليه على انه مؤسسة اجتماعية من نتاج
القانون الوضعي وهو محض مدني يحصل أمام السلطة العامة في شكل رسمي
احتفالي ولا يمكن اجراؤه إلا بتدخل أحد موظفي الأحوال الشخصية ليس
فقط لتنظيم وثيقة بحصوله بل لتأكيد شكله أيضاً والزواج المدني تغلب
عليه الصفة التعاقدية من حيث اجتماع إرادتي الأشخاص الراغبين
ببعضيهما ولما كانت الصفة التعاقدية هي الغالبة فكان لزاماً توافر
شروط معينة في الأشخاص الذين انعقدت عزائمهم على إنشاء هذا العقد.
ب- شروط الزواج المدني :
والشروط المقصودة هي المتعلقة بالأهلية الطبيعية من حيث الاختلاف
الجنسي وبلوغ السن القانونية والرضى .
- بالنسبة للإختلاف الجنسي :
الزواج مؤسسة اجتماعية غابتها تكوين اسرة، و يفترض فيه أن يكون
العاقدان مختلفين جنسيا ( بين رجل وامرأة)
- بالنسبة لبلوغ السن القانونية :
تحدد السن القانونية للزواج للذين اتما ال18 سنة للزوجين، ويمنح
الترخيص بعقد الزواج لمن لم يبلغ هذه السن شرط ان يتضمن قرارا
معللا تتخذه المحكمة المدنية المختصة وفق الاصول، او بموافقة
أولياء الامر.
- بالنسبة للرضى :
بالقدر الذي يكون فيه الزواج اتفاقاً لإنشاء عائلة معينة فإن
طبيعته عقدية . فالرضى هو من جوهر الزواج كما هو في عقد آخر،
وتبادل الرضى يحصل بإجتماع الإرادتين، وذلك بتوافر القبول الشخصي
لكل من المتعاقدين ووفقاً لأشكال يعينها القانون.
إذاً عند توافر الرضى التام يعطي العقد مفاعيله لأن الرضى أما ان
يكون مفتقداً بالمطلق وإما أن يكون معيوباً .
فالنسبة لفاقدي الرضى فلا زواج لهم ، أما من حال
انتفاء عيب الرضى وتوفر الاسباب الموجبة ، فيمكن إجراء عقود
الزواج .
ج
: ميزة الزواج المدني هي :
عدم التعدد في الزواج المدني :
يتماثل الزواج المدني مع الزواج الكنسي من حيث وحدة الزوجة وعدم
قابلية انعقاد زواج جديد طالما أن الزواج الأول لم ينحل بالبطلان
أو الوفاة أو الطلاق لأن العاقد للزواج الثاني في ظل الزوجية
الأولى يتعرض للملاحقة والعقوبة القانونية عند تعدد الزوجات .
2 : مفاعيل الزواج المدني :
إن أهم الآثار التي تترتب على الزواج هي الطلاق الذي
يلجأ إليه الزوجان لإنهاء علاقتهما وقد تختلف أسبابه وله إجراءات
محددة لذلك سنتناول تفصيل مفهوم الطلاق المدني وأسبابه وإجراءاته .
مفهوم الطلاق المدني :
الزواج المدني كمؤسسة اجتماعية ينظر إليها استحباباً
كونها أيسر مدى في ممارسة طلب الطلاق، الذي يلجأ إليه الزوجين لوضع
حد لعلاقة زوجية ذات ضرر لأحدهما .
ونظراً للطابع التعاقدي للزواج المدني فإنه يحق لطرفيه
أن يطلبوا إنهاء هذا العقد متوسلين الأساليب القانونية اللازمة عند
إخلال أحد المتعاقدين لإلتزاماته، ووقوع الضرر بالزوج طالب الطلاق
.
أسباب الطلاق المدني :
إن الأسباب التي من شأنها وضع حد للعلاقة الزوجية منها
ما هو حاسم ومنها ما هو اختياري .
أ - الأسباب الحاسمة منها :
الزنى:
حيث أنه من أسباب استمرارية الحياة الزوجية بشكلها السوي أن يكون
كل طرف أميناً للآخر وإذا كان ثمة خرق لهذا العهد فإن الزاني يصبح
مذنبا تجاه الآخر الأمر الذي يبرر طلب الحكم بالطلاق حال ثبوت فعل
الزنى الممارس من أيهما .
العقوبة الجنائية :
الاثار التي تصيب الزوج/ة، الذي/ التي لم يكن موافقا/ةً على
النشاط الجرمي الذي أدى لإيقاع عقوبة جنائية بحق الفاعل يشكل سبباً
لطلب الطلاق من الفريق الذي اعتبر نفسه مصاباً بفضيحة العمل الذي
مارسه الفريق المحدث للفعل الجرمي .
ب- الأسباب الاختيارية هي :
العنف وسوء المعاملة
:
ويشترط في هاتين الحالتين أن تكون الأفعال إرادية وغير صادرة عن
جنون .
الإهانة
:
وهي الأفعال التي من شأنها الاساءة لكرامة الحياة الزوجية والتي من
شأنها المخالفة الجسيمة أو المتكررة لفروض وواجبات الحياة الزوجية
كخرق واجب المساكنة أو خرق واجب الاسعاف والمساعدة والادمان... عند
توفر أحد هذه الأسباب فللزوج المساء إليه تقديم دعوى الطلاق ضد
الفريق المسيء وحق الادعاء يقتصر على الزوج الذي اسيء إليه فقط .
3- إجراءات الطلاق المدني :
إن طلب الطلاق يدخل مبدئياً في اختصاص المحاكم المدنية التي لها
وحدها حق الفصل به،
وحال الحكم بالطلاق المدني فإن النتائج المترتبة على ذلك هي
التالية:
1- يصبح الزوجان مطلقين ونتائج ذلك تمتد للمستقبل فقط
دون المساس بنتائج الماضي .
2- يصبح الزوجان احراراً بعد الطلاق وكل منهما مستقل
عن الآخر فالزوج يفقد حق تسميته رباً للعائلة وتستعيد الزوجة
اهليتها كاملة فيما خص ممتلكاتها دون استثناء.
3- لكل من الزوجين التزوج ثانية لكن بعد انقضاء (مدة
عشرة أشهر) كفترة عدة بالنسبة للمرأة التي يمتنع عليها التزوج
ثانية ما لم تنقض هذه المدة ما خلا الحالات الاستثنائية وبناءً
للضرورة .
4- طلب الطلاق يقدم للقاضي الذي له اتخاذ كافة
التدابير التي من شأنها الافساح في تسوية النزاع وإعادة الحالة
الصلحية بين الزوجين لذا يتوجب عليه قبل النطق بحكم الطلاق الحكم
بالهجر أولاً وإن كانت الدعوى المقدمة قد قدمت على أساس الطلاق لا
غلى أساس الهجر .
لدى الحكم بالهجر يعني ترتب الأمور التالية :
1-
توقف الحياة الزوجية المشتركة من حيث وضع حد للعيش المشترك بسبب
انقطاع العلاقات الشخصية بين الزوجين ويشمل الافتراق الجسدي على
الفصل مقاماً وليس مساكنة فقط بحيث يصبح للزوجة حق اختيار المقام
الذي يناسبها .
2-
يتوجب على كل من الزوجين اللذين فرق بينهما جسدياً الحفاظ على
الأمانة الزوجية .
3-
التفريق بين المصالح المالية كالتفريق في الممتلكات واستعادة
المرأة لأهليتها كاملة فيما خص ممتلكاتها التي لها بيعها دون
موافقة الزوج .
4-
إسم الزوجين : التفريق الجسدي لا يحدث مبدئياً أثراً على اسم
الزوجين طالما أنهما متزوجان إلا أنه يبقى للزوجة الخيار بتبديل
اسمها إما بموجب الحكم الذي يعلن التفريق وإما بموجب حكم لاحق مع
الإشارة إلى أن حكم التفريق يمكن أن يقضي بمنع الزوجة واستعمال اسم
زوجها لا سيما إذا كانت السبب في إيقاع الفرقة الجسدية بينها وبين
زوجها .
5-
تحديد احكام فترة الهجر لتحويل طلب الإفتراق الجسدي إلى طلب طلاق
احكام عامة لتحديد:
أ- مسؤوليات والتزامات كل من الزوجين بالنسبة للاطفال، وبما
يتناسب ومصلحة الاطفال، وكذلك المساواة في تحمل المسؤولية المشتركة
بين الزوج والزوجه في النفقات والرعاية، أو وفقا لما تراه المحكمة
المدنية أنه أصلح للاطفال...
ب-
مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية
والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم...
ج-
المساواة في الارث وموانعه.. الوصية واحكامها...
مبدأ الشراكة في الزواج المدني
- الاحترام والوفاء المتبادلين.
-
تكافل الزوجين وتضامنهما لتأمين أفضل إدارة لشؤون العائلة من كل
نواحي الحياة، مادياً ومعنوياً، والاهتمام المشترك بتربية الأولاد
والسعي لتأمين مستقبلهم.
-
الإسهام المشترك في تأمين معيشة العائلة، حسب الإمكانيات المتوفرة
لكل من الزوجين.
خلاصة
:
إذا كان طريق الاصلاح والتحديث والعصرنة صعبا، إلا انه ليس
مستحيلا. والعلاج يبدأ من التشخيص الصحيح لِعلة لبنان التي تتمثل
في"الطائفية" هذا الورم يحتاج الى إستئصال كلي، "بالمعنى
السياسي وليس الديني" من خلال هيئة عمل وطنية جامعة من كل المؤيدين
والمناصرين والراغبين، احزابا، وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني
والاهلي، من اجل انقاذ لبنان ارضا وشعبا ومؤسسات.. ويشكل العمل على
إقرار القانون المدني الموحد والالزامي للاحوال الشخصية أولى
الخطوات الجوهرية والصحيحة على طريق العلاج من أجل التغيير
الديمقراطي .
بيروت في 27 تموز
2009 |