العام 1977 بعد حرب السنتين
التي توقف فيها المدفع، اطلقت لجنة حقوق المرأة اللبنانية بالتعاون
مع وزارة التربية والتعليم العالي، المسابقة السنوية بين طلاب
الثانويات الرسمية والخاصة لتربية الجيل الطالع
على
الاعتراف بالآخر واحترام حرية الرأي والمعتقد، ومناهضة الحرب
والاحتلال ورفض الطائفية وترسيخ الانتماء للوطن.
ومسابقة هذا العام التي نظمتها
اللجنة حملت عنوان "الطائفية والهوية الوطنية" اشترك فيها نحو 300
تلميذ وتلميذة من مختلف الطوائف اللبنانية، وتم اختيار عشرة فائزين
جرى توزيع الجوائز عليهم في احتفال اقامته لجنة حقوق المرأة
اللبنانية في قصر الاونيسكو، وحضره ممثل وزير التربية والتعليم
العالي حسن منيمنة، مستشاره لشؤون التعليم العالي وليد الخوري،
ورئيس لجنة التحكيم في المسابقة كمال الجردي ورئيسة لجنة حقوق
المرأة اللبنانية ليندا مطر، ومدراء المدارس وأهالي الطلاب.
بعد كلمة ترحيبية من عريفة الاحتفال
غيدا ضاهر رأت فيها ان الهدف الأمثل لهذه المسابقة هو ان يتجاوز
اللبنانيون انتماءهم الطائفي والمذهبي باتجاه مواطنة صحيحة يكون
فيها الانتماء الأول للوطن.
ورأت مطر ان عنوان المسابقة لهذا
العام هو "الطائفية والهوية الوطنية"، وهذا العنوان لم يأت من
العدم، انه لطرح آلية مواجهة ما يجري على الساحة اللبنانية من
محاولات تغليب الانتماء المذهبي والطائفي وتغييب الهوية الوطنية.
وأشارت الى ان لجنة حقوق المرأة
اللبنانية على قناعة تامة بأن الدين لله والوطن للجميع، ففي الوقت
الذي نحترم كل الطوائف والمذاهب، نناضل من أجل وطن يحتضن كل أبنائه
وبناته، وطن موحد سيد ترأسه الحرية والمساواة والديموقراطية.
وأشار الجردي الى ان اي قراءة سريعة
لعناوين المسابقة السنوية التي دأبت لجنة حقوق المرأة اللبنانية
على اقامتها تعكس بوضوح تام ان اللجنة، وان كانت قد اتخذت من قضايا
المرأة وحقوقها اسماً وشعاراً، فقضيتها الأساسية أوسع وأشمل وأعم
وهي الإنسان بحد ذاته الذي حملت همومه وقضاياه ومعاناته على مختلف
أنواعها من تربية وتعليم وثقافة واقتصاد وديموقراطية وغيرها
لتطرحها إشكاليات على طاولة البحث بين أيدي فئة شبابية واضعة إياهم
في قلب المعاناة.
وأوضح أن الانطباع الذي تركته
المسابقة في نفوس المصححين هو تمتع المشاركين بحس وطني وامتلاك
درجة عالية من الوعي بالواقع الذي يعيشه بلدهم، ومن هنا كان من
الطبيعي ان تتوحد كلمة المشاركين على التأثير السلبي للنظام
الطائفي على الهوية الوطنية لأن القوانين الطائفية تسلب الفرد
حقوقه المشروعة كإنسان وتعيق حاجاته وطموحاته.
ثم ألقى الخوري كلمة قال فيها ان
مبادرة هيئة رائدة من هيئات المجتمع المدني الى الدعوة لإجراء
مسابقة بين طلاب المدارس في لبنان في موضوع "الطائفية والهوية
الوطنية"، فيها من الحكمة ما يقطع بصوابية التكامل بين المؤسسة
التربوية وهذه الهيئات في العمل على صون الهوية الوطنية من انحراف
قد يضرب أحد المكونات التي تشترك في تشكيل هذه الهوية وفي تغذيتها
بالأسباب التي تقوى بها على ما يتهددها من أخطار، وفي رعاية
مناعتها حيال ما قد يصيبها من شهوة الهويات الاخرى ويعزز القناعة
بفاعلية هذا التلاقي من أجل تحقيق المقاصد الوطنية السامية.
وأشار الى ان انخراط المدرسة، رسمية
وخاصة، في تجربة البحث عن الشروط التي تضمن صحة الهوية الوطنية
وتقوي حضورها على ما عداها في الأذهان كما في الأعيان، هو المدخل
السليم الى بناء ثقافة المواطنة التي تتراجع مع انبثاقها جميع
الهواجس التي تعيق قيامة حقيقية للوطن وتبعث في مؤسساته روح التجدد
المنشود.
وأوضح أن وزارة التربية والتعليم
العالي استطاعت، وإدراكاً منها لدور المدرسة الرسمية المحوري في
تربية الأجيال على ثقافة وطنية جامعة، ان تنجز خطة متكاملة للتطوير
التربوي اقرها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، من شأنها في حال
تطبيقها ان تحدث تغييراً نوعياً في مرحلة التعليم الأساسي وهي
المرحلة التي منها يبدأ كل شيء في حياة الطالب المعرفية والوطنية
ويتشكل على امتدادها وعيه الحاسم لقيم العلم والحرية إذ بالعلم
والحرية يصان الوطن وتسلم الهوية.
واختتم كلمته مهنئاً الفائزين ليس
بالفوز وحسب وانما بإرادة التفكير بمسؤولية عالية في موضوع حساس
جاء طرحه وتنظيم المسابقة فيه تعبيراً عن شعور بالقلق صادق ومشروع
على الهوية الوطنية مع تنامي الثقافة الطائفية المدمرة للوطن
والقاتلة للهوية.
وجرى توزيع الجوائز والدروع
التقديرية على الفائزين، ففاز بالمرتبة الأولى أدهم سعيد شقير، من
ثانوية المصطفى حارة حريك، وبالمرتبة الثانية، يارا علي عبد
الخالق، ثانوية مارون عبود الرسمية عاليه، وبالمرتبة الثالثة مريم
الحركة "كلية خالد بن الوليد حرج بيروت، والمرتبة الرابعة شنيم حسن
الدرويش "ثانوية عدلون الرسمية"، والمرتبة الخامسة زهراء ابراهيم
نصار "ثانوية مشغرة" وبالمرتبة السادسة انطوني طنوس "ثانوية عمشيت
الرسمية"، وبالمرتبة السابعة ديانا ناصر عمار "مدرسة القديس فرنسيس
للآباء الكبوشيين بيروت" وبالمرتبة الثامنة غنى حلال "الثانوية
العاملية" بيروت، وبالمرتبة التاسعة ميراي صليبا "ثانوية سيدة
البلمند" الشمال، وبالمرتبة العاشرة باميلا روجيه كساب "مدرسة سان
سوفور" جعيتا.
24 / 04 / 2010 |