( ندى غازي)
سنة
تأتي وسنة تمضي، وما زالت المرأة اللبنانية، تنشد العدالة
والمواطنة، تناضل من اجل إصلاح القوانين المجحفة بحقها، أن تنظر
الدولة اليها إسوة بالرجل في الحقوق والواجبات وليس مجرد رقم، دولة
تصدق في وعودها والتزاماتها وخطاباتها السياسية ، تحقق مجتمعا ً من
الكفاية والعدل والمساواة، اتراها تطلب المستحيل؟
أكثر
من ستين عاما ً ولجنة حقوق المرأة اللبنانية تناضل وتعتصم من اجل
حقوق المرأة اللبنانية المهدورة، حققت الكثير وبقي الكثير، ومستمرة
في مسيرتها حتى يتم تعديل كافة القوانين المجحفة والمتعسفة بحق
النساء اللبنانيات، التي تشرَع العنف والتمييز بطريقة غير مباشرة،
في وقت استطاعت فيه مؤخرا ً كل من تونس والمغرب والاردن... أن تحقق
تقدما كبيرا ً في مجال حقوق المرأة اخرها تعديل قانون الجنسية يسمح
للمرأة اعطاء جنسيتها لاولادها.
في
المؤتمر السادس عشر الذي انعقد في آذار عام 2006 والتي نظمته لجنة
حقوق المرأة اللبنانية أصدر المؤتمر جملة من التوصيات في الشق
المتعلق بقضية المرأة في لبنان طالبت من خلاله استحداث قانون مدني
اختياري للاحوال الشخصية، تعديل قانون الجنسية تعديل بعض مواد
قانون العمل وقانون العقوبات المتحيزة وغير العادلة، استحداث
قوانين لحماية المرأة المعنفة، إعتماد برامج توعية لمحو الامية،
إعتماد حق الحصة للمرأة (الكوتا) بنسبة 30% على الاقل، رفع
التحفظات عن اتفاقية "سيداو"، تفعيل دور الاعلام بتغيير الصورة
النمطية للمرأة،...الخ، وبالرغم من انجازات اللقاء الوطني للقضاء
على جميع اشكال التمييز ضد المرأة في تعديل بعض المواد المجحفة
لاسيما في قانون العمل (المواد 26و 28 و29 و52 ) وصدور القانون رقم
343 حول مساواة الموظفة بالموظف، وتعديل بعض أحكام المادة 14 من
قانون الضمان الاجتماعي...، الا انه بقيَ العديد من القوانين
المجحفة بحق المرأة التي عادت وذكرت بعد أربع سنوات في توصيات
المؤتمر السابع عشر الذي انعقد في ايار عام 2010، الامر وان دل على
شيء فهو تقاعس وفشل الحكومات اللبنانية في تكريس المساواة واحترام
الإنسان، في عام 2010 بقيَ التمييز وبقيَ التمثيل النسائي للمرأة
ضعيفا ً لا يتخطى الـ 10% ولم ترفع نسبة الكوتا النسائية والفقر
والبطالة والعنف في تزايد بحسب تقرير التنمية البشرية عام 2010 كما
عادت الحكومة اللبنانية وأكدَت عام 2010 تمسكها بالتحفظات على اهم
مواد الاتفاقية العالمية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة
ولا سيما الفقرة الثانية من المادة التاسعة التي تتعلق بمنح المرأة
جنسيتها لاولادها من زوجها الأجنبي بحجة التوزيع الطائفي وعودة
اللاجئيين الفلسطينيين، متخطية بذلك حقوق اكثر من 18 الف إمرأة
لبنانية بل أكثر من 18 الف عائلة، منتهكة بذلك المادة السابعة من
الدستور التي أقرت المساواة، والمادة 15 من الاعلان العالمي لحقوق
الانسان الذي التزم لبنان به، ومازال القانون المتعلق بإزالة العنف
الأ ُسرَي بانتظار التصديق عليه من المجلس النيابي اللبناني إسوة
بغيره من القضايا .
و نذكر من المواد المجحفة الاخرى بحق المرأة والتي مضى عليها عاما
اخر ولم تعدل، المواد 487/488/489 المتعلقة بجرم الزنى، التي تميز
وتتحيز ضد المرأة من خلال التمييز بين المرأة الزانية والرجل
الزاني وعقوبتهما، والمواد 503و504 اللتان تشرعان العنف ضد المرأة
والاغتصاب الزوجي والمادة 522 التي تشجع على الاعتداء وجرائم
الاغتصاب كأنما تقف الى جانب المجرم ضد الضحية، والمواد536 و545
المتعلقة بالاجهاض والمادة562 في قانون العقوبات المتعلقة "بجرائم
الشرف" فمن المعيب تكريس هكذا ظاهرة اجتماعية لاتمس بالمساواة
والقانون والحريات العامة والخاصة بصلة والتي يقتضي تعديلها أيضا،
وعام آخر يمضي ايضا ً دون إصدار مراسيم تطبيق القانون 220/2000
الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة الذين يشكلون 10% من الشعب اللبناني
حوالي النصف منهم نساء.
وفي
تقرير "التنمية الانسانية العربية" الاخير عام 2009 اظهرت نتائج
سلبية حول تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وانعكاسها على
ظروف حياة الإنسان والمرأة بشكل خاص، وكان قد حذر من ارتفاع معدل
الامية في العالم العربي التي ترتفع بين النساء الى حوالي 50%
وكذلك ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة والبطالة وغياب الأمن الصحي
والاجتماعي، مشيرا ً الى تحفظ بعض الدول من بينها لبنان على بعض
مواد الاتفاقية العالمية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة
. الأزمات تفاقمت عام 2010 والدليل تقرير التنمية البشرية عام
2010 الذي صنف لبنان من الدول الأقل تقدما ً ودون المستوى المطلوب،
التقرير الذي كان قد ربط في دراساته معدل التنمية البشرية
بالمساواة كمقياس، فأين نحن من المساواة؟!
عام آخر يأتي ولم تستطع الدولة
اللبنانية أن تكرس المساواة والمواطنة الفاعلة وتنصف المرأة، عام
2010 لم يكن أفضل من الاعوام التي سبقته والأرقام خير ُ دليل على
الجمود في التنمية الإجتماعية والإقتصادية، التنمية التي تعتبر
المرأة فيها شريكٌ اساسي وضروري. حقوق المرأة وانصافها لايمكن أن
تتحقق إلا باستمرار جهود النساء، وأكثر جيل الشباب ووعيه أهمية
دعم قضية المرأة ومشاركتها نضالها، وايصال صرختها الى الدولة
اللبنانية من أجل تعديل القوانين المجحفة بحقها، المناقضة للمادة
السابعة والاعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهل تلبي النداء ، ويكون
بمثابة حجر اساس في مجتمع ديمقراطي وعادل يتساوى فيه
الجميع.؟
14/01/2011 |