يُذكر المجلس النسائي في لبنان فتُذكر معه السيدة ليندا
مطر؛ هذه السيدة التي كرست أكثر وقتها وأكثر جهدها لقضية المرأة
وتقدمها من دون أن يأسرها منطق عنصري تصبح هذه القضية معه قضية
صراع بين جنسين.
لقد آمنت السيدة ليندا مطر بأن
تحرر المرأة غـير ممكـن إلا في إطـار تحـرر المجتمـع كله، ممـا
يقيده من قيود التخلف السياسي
والاقتصادي، وقيود الاستعمار بشتى أشكاله القديمة والجديدة،
وبينها الاحتلال علاوة على قيود التشريعات القانونية وفي مقدمتها
قوانين الأحوال الشخصية.
ليندا مطر، التي تترأس اليوم
لجنة حقوق المرأة اللبنانية والمجلس النسائي اللبناني، وتلعب
دوراً أساسياً في العديد من المنظمات النسائية العربية والعالمية،
كما تلعب دوراً أساسياً في المؤتمرات النسائية العربية والدولية،
لم تجلس في برج عاجي، تنظر منه إلى ما تعانيه المرأة اللبنانية
وما تصبو إليه من حقوق، كالمساواة والحرية والمشاركة في القرار،
بل هي، منذ مطلع صباها، مكافحة ميدانية، وحسبها أنها خرجت من
صفوف العاملات في معامل لبنان.
ويضيق المجال عن تفصيل سيرة
ليندا مطر النضالية. ولعلنا نكتفي معها بما تقدمه هي نفسها من
تلخيص لهذه السيرة؛ سألناها: "من هي السيدة ليندا مطر؟" فقالت:
"ليندا مطر امرأة عادية من نساء لبنان، عملت منذ مطلع شبابها في
ميدان النشاط الاجتماعي والوطني، بما يعود بالخير على المرأة وعلى
المجتمع. انخرطت في لجنة حقوق المرأة ثم أصبحت رئيسة لها، وهي
عضو في قيادة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي مركزه في
باريس، ومنسقة للمنظمات النسائية العربية الأعضاء في الاتحاد
المذكور، وتترأس اليوم الاتحاد النسائي اللبناني".
وتلخص السيدة مطر واقع المرأة
اللبنانية اليوم، بكلمات؛ فالمرأة اللبنانية "موجودة في شتى
ميادين العمل علاوة على اضطلاعها بمسؤوليات البيت وتربية الأولاد.
إنها مزارعة في الحقل، عاملة في المصنع، موظفة في الإدارة،
محامية، قاضية نائبة. ومع ذلك فهي لا تزال بعيدة عن مراكز
القرار، ولا تزال تنفذ القرارات التي يضعها الرجل".
ولا تعوّل السيدة ليندا مطر
كثيراً على الحالات الاستثنائية؛ "فوجود ثلاث نائبات في مجلس
النواب لا يعني أن المرأة اللبنانية ممثلة تمثيلاً صحيحاً عادلاً،
مع أن النساء في لبنان يشكلن 51.5 % من أفراد المجتمع اللبناني،
وعلى الرغم من أن الدستور اللبناني ينص على حق المرأة في أن تَنتخب
وتُنتخب، وكان هذا الحق ثمرة نضال نسائي طويل شاركت فيه الأحزاب
الوطنية.
"لقد عدّلت قوانين عديدة في
مصلحة المرأة، ولكننا لا نزال بعيدين عن تعديل قانون أساسي هو
قانون الأحوال الشخصية".
ما دام القانون يكفل حق
المرأة في أن تترشح للانتخابات، فأي عائق يحول دون وصولها؟
تجيب السيدة مطر بالقول: "يقال
لنا من يمنعكن؟ لتتفضل أي امرأة فتترشح".. هذا كلام لا يصدقه
أحد. فإمكانية وصول المرأة إلى البرلمان محكومة بقانون انتخابي
طائفي مذهبي مناطقي مالي؛ لذلك طرحنا باسم المجلس النسائي
اللبناني مبدأ "الكوتا" أي حصة المرأة في مقاعد مجلس النواب.
وليست المرأة وحدها المقيدة على هذا الصعيد. فهناك العمال
والمزارعون وغيرهم. المشكلة في أن المجلس النيابي حكر على
العائلات والمحسوبيات وأصحاب المال".
ولكن المرأة وصلت إلى مراكز
القرار في الكثير من المؤسسات.
السيدة ليندا مطر ترى خلاف
ذلك؛ "فالعدد قليل قياساً إلى ما تملكه النساء من إمكانات في
لبنان. ثم إننا نلاحظ أن لا حصة للمرأة في وظائف الفئة الأولى.
المرأة إذاً مستبعدة عن مراكز القرار، وقانون الانتخاب ليس
سليماً، والكلام عن الديمقراطية مجرد كلام".
ونثير مع السيدة مطر قضية
صورة المرأة اللبنانية في الإعلام، فتقول: "نحن نعمل جاهدات
لتصحيح هذه الصورة، ونأمل أن يتجاوب معنا الإعلاميون. ونحن نلاحظ
أن الاستغلال يقع بصورة أساسية على الفتيات اللواتي في عمر السابعة
عشرة تقريباً.. إنهن مراهقات وهن عرضة للاستغلال عندما يكنّ في
حاجة إلى عمل، ونحن لا نستطيع منع أية فتاة من الظهور في إعلان،
وقصارى ما نستطيع هو أن نوجهها وعلى الدولة تأمين فرص العمل
المحترم للجميع. وأما وسائل الإعلام فيفترض أن تخصص أوقاتاً
لإظهار صورة المرأة العاملة والمزارعة والمثقفة والمناضلة الصامدة".
فماذا تقول السيدة مطر عن
المرأة في الريف ولا سيما الجنوب والبقاع الغربي؟
ترد السيدة مطر بالقول: "نحن
نعرف المرأة في الريف معرفة مباشرة، من خلال الاتصال اليومي بها.
ونحن لا نتحدث من خلف مكاتب. لقد ذهبنا إلى المرأة المناضلة
الصامدة في الأماكن المعرضة للقصف. وأقل ما يقال في أمثال هذه
المرأة في الجنوب والبقاع الغربي أن التاريخ سيذكرهن باحترام".
ولكن المرأة في الريف لا تزال
أقلّ حرية على صعيد اختيار الزوج والعمل.
ترد السيدة مطر على ذلك بالقول: "هذه القضية جزء من
برنامج عملنا. ولكن المرأة نفسها مطلوب منها أن ترفع صوتها
وتطالب، لا أن تنتظر العون من الآخرين فحسب. ونحن لسنا جمعية
خيرية.. قضايا المرأة ليست مسألة خيرية وحقوقها تنتزع بالنضال،
وأما هذه المظاهر الفارغة من الحرية فليست هي الحرية التي ننشد،
ولا معنى للحرية إذا لم تكن نافعة للمجتمع، من خلال العمل جنباً
إلى جنب مع الرجل لبناء أسرة سليمة هي الخلية الأولى لبناء المجتمع
السليم. والمرأة تستطيع أن تكون فاعلة بدليل أن عدد النساء
اللواتي وصلن إلى المجالس البلدية غير قليل خلافاً لما يشاع على
الرغم من أن الانتخابات النيابية والبلدية تكلف الكثير من المال.
وهذا يردّنا مجدداً إلى مبدأ الكوتا".
فأي دور للكنيسة أو المسجد
على صعيد رقي المرأة ووعيها؟ تقول السيدة مطر: "أنا أعتقد أنهما
يشدان المرأة إلى الوراء. فعند النصارى الرجل رأس المرأة، وعند
المسلمين الرجال قوامون على النساء.. لقد ذهب زمان أن المرأة خلقت
للبيت فحسب".
ونخلص إلى تحديات الألفية
الثالثة، فتقول السيدة ليندا مطر: "إن المرأة اللبنانية تحمل
معها إلى هذه الألفية تراثاً من النضال يرجع إلى أكثر من خمسين
سنة. وهي قادرة بوعيها ونضجها على أن تواكب أي تطور يشهده العالم
جريدة صيدا نت
2006-11-01 |