مؤتمرات:
مؤتمرات لجنة حقوق المرأة اللبنانية
التوصيات الصادرة عن المؤتمر السابع عشر
المؤتمر
السابع عشر
للجنة حقوق
المرأة اللبنانية
شعار
المؤتمر : المواطنة ودولة الطوائف
محاور
المؤتمر
·
المواطنة والدستور اللبناني.
·
المواطنة وقوانين الأحوال الشخصية.
·
المواطنة في ظل الأزمة الاقتصادية
والأوضاع الاجتماعية المتردية.
·
المواطنة والإعلام.
كلمة الافتتاح تلقيها رئيسة اللجنة
السيدة
ليندا مطر
في ظل السلم
الأهلي كما في ظلمات الحرب، لم تتأخر لجنة حقوق المرأة اللبنانية
عن القيام بواجبها تجاه أعضائها وتجاه الذين واللواتي تتعاون معهم
من أجل حقوق المرأة والأسرة ومن أجل الدفاع عن الوطن أرضاً وشعباً
ومؤسسات.
اللبنانية
الأولى السيدة وفاء سليمان
أصحاب الدولة
والمعالي والسعادة
أيها الحضور
الكريم،
ليست المرة
الأولى التي يعقد فيها مؤتمرنا في ظروف حرجة ومقلقة. ان المؤتمرات
الستة عشر التي طرحت وناقشت قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية عامة
أفرزت تطلعات تغييرية ديمقراطية، وراكمت لدى اللجنة أفكاراً ورؤى
وانتجت اليوم شعار مؤتمرها السابع عشر " المواطـَنـَة ودولة
الطوائف ".
نقول
المواطََـَنـََة وليس المواطِنة، لاننا كنا وما زلنا وسنبقى نعمل
ضمن الامكانات المتوافرة ليس فقط من أجل المرأة وحقوقها بل من أجل
كل مواطن ومواطِنة في هذا الوطن.
والمواطـَنـَة
تحمل هذا المعنى لانها ليست انثوية ولا ذكورية، لكنها توصيف شمولي
جندري. وقد أصبحت مصطلحاً متداولاً بين مختلف المؤسسات المدنية
والرسمية.
أما دولة
الطوائف، فهي واقع نعيشه معاناة وقسمة وفرقة ومحاصصة وصراعات
ونزاعات. وقد حان الوقت لطرح هذا الشعار وإبراز تداعياته
وانعكاساته السلبية على المواطن والوطن، والدعوة إلى متابعة مسيرة
نضالنا مع مختلف القوى التغييرية والديمقراطية من أجل تحقيق ما
نصبو إليه.
اللبنانية
الأولى،
أيها الحفل
الكريم،
ان لجنة حقوق
المرأة اللبنانية تعتبر مؤتمراتها محطات على طريق النضال. فتستعرض
فيها ما قامت به وما تم إنجازه بين مؤتمرين، وتستخلص الدروس من
العوائق والاخفاقات وتعزز مواقع النجاحات وتطورها خطة مستقبلية
تبرمج عملها وتستجيب لأهدافها وتنسجم مع نهجها ومواقفها المبدئية.
ان الاخفاق يعني
من جهة عدم تمكننا من تنفيذ ما نصبو إليه من تعديلات في القوانين
التي يشوبها التمييز ضد المرأة لكنه يعني بشكل أشمل تجاهل
المسؤولين أو رفضهم لمطالبنا. ولدينا للأسف أدلة دامغة تمثلت برفض
أو عدم تطبيق :
تخفيض سن
الاقتراع إلى 18 سنة، الكوتا النسائية، قانون النسبية، التعليم
الالزامي المجاني، ضمان الشيخوخة، البطاقة الصحية، الجنسية الخ...
أما النجاحات فهي
نتاج النضال المشترك الذي يشكل قاعدة أساسية في نهج لجنة حقوق
المرأة اللبنانية واهدافها. ونحن على ثقة بان توحيد الجهود يضاعف
فرص النجاح الذي هو لمصلحة المجتمع كله.
ان انعقاد
مؤتمراتنا الدورية هو في رأينا نشاط جماعي يشارك فيه - إضافة إلى
أعضاء اللجنة - ممثلات وممثلو مختلف المؤسسات المدنية والرسمية،
ليس فقط بالحضور والاستماع وإنما أيضاً بالمناقشة وإبداء الرأي
والانتقاد البناء والمشاركة في صياغة المقررات. وهذا ما نطمح به
غداً في أعمال مؤتمرنا، لان المواضيع التي ستتطرق إليها جلسات
المؤتمر ستتناول : المواطنة والدستور - المواطنة وقوانين
الأحوال الشخصية - المواطنة والواقع الاجتماعي والاقتصادي -
المواطنة والإعلام.
أما الأوضاع
السياسية المهتزة التي هي نتاج طبيعي في دولة الطوائف، فلا حاجة
لتفصيلها لانها تعيش في صحننا اليومي. لكننا سنتوقف عند القلق الذي
يسيطر على الشعب اللبناني نتيجة تهديدات العدو الاسرائيلي
المتواصلة، وخرقه اليومي لأجوائنا واعتداءاته المتكررة ومناوراته
الاستفزازية على حدودنا.
ان هذا العدو
الصهيوني قبل ان يغامر بشن عدوان جديد علينا، عليه ان يتذكر ما
اسفر عنه عدوان تموز 2006، الذي اسقط مقولة "الجيش الذي لا يقهر".
لكن ذلك لا يجعلنا ننام على حرير. فمن واجبنا رص الصفوف ونبذ
الانقسام وتوحيد الجهود. لبنان لنا جميعاً وكلنا مسؤولون عن حمايته
والدفاع عن حريته وسيادته. علينا أن نثبت اننا يد واحدة، وان نطلب
من الذين يمدون الصهاينة بالمال والسلاح على أنواعه، ويقدمون
للدولة اللبنانية الجيبات والموتوسيكلات، نطلب منهم ان يقدموا
النصيحة لابنهم المدلل مغتصب فلسطين ومشرد أهلها ومحتل أراض عربية
في لبنان وسوريا، النصيحة بألا يغامر مرة أخرى، لان التفاف الشعب
والمقاومة حول الجيش اللبناني الباسل يشكل درعاً واقياً لمواجهة
العدو الإسرائيلي وإلى جانبه كل شرفاء العالم.
حضرة
اللبنانية الأولى،
أيها الحفل
الكريم،
بالعودة إلى
المواطنة التي أخذت في لبنان حيزاً كبيراً من الأبحاث والدراسات
منذ سنوات عديدة، يهمنا في هذا المؤتمر أن نطرح بعض التساؤلات
ونحاول إيجاد الأجوبة عليها انطلاقاً من حياتنا اليومية التي
برأينا لا تستقيم دون مواطنة حقيقية :
أولاً
– هل المواطنة حقوقية فقط ؟
ثانياً
– من هي الجهة المسؤولة عن تحقيق المواطنة
؟
ثالثاً
– ما هي القوانين التي على المسؤولين
تعديلها أو استحداثها لتأمين مواطنة حقيقية للجميع ؟ ومن هي الجهة
المسؤولة عن تطبيقها ؟
تساؤلات على
جلسات المؤتمر الإجابة عنها لوضع خطة مستقبلية وصياغة برنامج نعمل
على تنفيذه بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بقضايا
المرأة والأسرة والوطن، وعلى وجه الخصوص مع الهيئة الوطنية لشؤون
المرأة والمجلس النسائي اللبناني وعدد من الجمعيات المدافعة عن
حقوق الإنسان عامة.
حضرة
اللبنانية الأولى،
باسم لجنة حقوق
المرأة اللبنانية أتقدم من حضرتكم بالشكر الجزيل على رعايتكم
مؤتمرنا هذا وعلى حضوركم بيننا. واسمحوا لي أيضاً أن أكرر الشكر
لتمثيلكم في احتفال التكريم فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد
ميشال سليمان، الذي نطمح ان ترسخ في عهده أسس الديمقراطية الحقيقية
وأن تكرس العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين، وأن يتم بناء
الدولة الديمقراطية العلمانية الموحدة.
عاش لبنان وطنناً للحرية والمساواة
والديمقراطية
ا لمواطنة و
دولة الطوائف
الجلسة الأولى
المواطنة
والدستور اللبناني
تقديم
غانية الموصلي دوغان
المؤتمر
السابع عشر للجنة حقوق المرأة اللبنانية
بيروت -
قصر الأونسكو
28 و 29
أيار ، 2010
المواطنة والدستور
اللبناني
ان الوطن يعني
مساحة من الارض لها حدود معترف بها من قبل المجتمع الدولي بشكل عام
والعالم المحيط بشكل خاص. تعيش على هذه الارض مجموعات بشرية يجمع
بينها رابط اللغة والمصلحة المشتركة، تنشأ بينها علاقات مترابطة
احيانا ومعقدة احيانا اخرى، تتميز هذه المجموعات البشرية غالبا
بالتنوع الاتني والديني كما تتعدد التيارات الفكرية والثقافية،
مما يجعلها تتفاعل فيما بينها على قاعدة التوافق احيانا والاختلاف
احياناً اخرى. كل ذلك يتم في ظل نظام سياسي اقتصادي اجتماعي تتوافق
عليه هذه المجموعات بحيث يحفظ لكل مكون منها خصوصيته التي يتميز
بها عن غيره، ويؤمن التفاعل فيما بينها، وصولا الى التكامل ضمن
منظومة من القوانين التي تحدد هذه العلاقة.
فالمواطنة هي
الهوية والصفة التي يحملها الفرد في هذا الوطن. وللمواطنة بعد
فلسفي قديم ارتبط بمفهوم الدولة الحديثة. وهو مفهوم حقوقي سياسي
وقانوني يعنى بكل ما يقوم به هذا الفرد من دور في بناء الدولة،
مستفيدا مما تعطيه اياه الأنظمة والقوانين المتبعة والتي تحدد ما
له من حقوق وما عليه من واجبات.
وذلك من منطلق العدالة والمساواة بحسب المقدرة والكفاءة التي يتمتع
بهما كل فرد، فللمواطن الحق في العيش بكرامة وكذلك الحق في اكتساب
المعرفة والتعلم والعمل والاستشفاء واختيار مكان سكنه، كما له الحق
في ابداء الرأي وممارسة قناعاته الفكرية وطقوسه الدينية التي يؤمن
بها، كذلك حقه في اختيار النظام الذي يدار به وطنه.
واهم واجبات
المواطن تكمن في احترام القوانين وتقديم الولاء للوطن على كل
الولاءات واستعداده للدفاع عن وطنه والذود عن حدوده والحفاظ على
حريته واستقلاله.
أما
الدولة فهي كل هذه العناصر مجتمعة وذلك عبر مؤسساتها وإداراتها
الرسمية وتأمين العلاقة السليمة بين هذه المكونات من اجل تحقيق كل
هذه الامور وما يزيد عنها لابد من وجود اطار ناظم لهذه العلاقات،
وهو ما تعارف عليه بنظام الحكم. وذلك عبر الصيغة التي توافق عليها
الجميع لكيفية بناء الدولة وادارتها وتوزيع السلطات فيها وسن
القوانين على اساسها، وهو ما يعرف بالدستور.
في العام 1926
صدرت النسخة الاولى من الدستور اللبناني. وقد خضع هذا الدستور الى
تعديلات متكررة حسب ما تطلبته كل مرحلة :
التعديل الاول
العام 1927، وتوالت التعديلات في الاعوام 1929 ثم 1943. حيث تعرض
لثلاثة تعديلات بفترات زمنية متقاربة. ثم جاء تعديل العام 1947
والعام 1948 وبعدها العام 1976 وصولا الى اتفاق الطائف في العام
1989، ثم تلته بعض التعديلات في الاعوام 1995 و1998 و 2004.
عند الحديث عن
المواطنة في لبنان، لا بد من معرفة اهم النصوص الدستورية التي يخضع
لها اللبنانيون:
الفقرة ب من مقدمة الدستور تنص على ان :
"
لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول
العربية وملتزم مواثيقها ، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الامم
المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتجسد
الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء ".
الفقرة ج من مقدمة الدستور تنص على ان :
" لبنان
جمهورية ديمقراطية برلمانية ، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي
طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة
في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل ".
الفقرة د تنص على ان :
" الشعب
مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية ".
هذا اهم ما جاء
في مقدمة الدستور والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه. اما ما تحمله
بعض المواد التفصيلية، سأحاول تسليط الضوء على بعضها لارتباطها
بموضوعنا :
المادة السابعة تنص على :
" ان جميع
اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية
والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون فرق بينهم ".
المادة
الثانية عشرة تنص على ان :
" لكل لبناني
الحق في تولي الوظائف العامة، لا ميزة لاحد من حيث هذا الحق الا من
حيث الاستحقاق والجدارة، حسب الشروط التي ينص عليها القانون ".
هذا من حيث
المبدأ، اما الواقع فهو مختلف تماما. وهذا الاختلاف لا ينال من حق
المرأة وحدها بل ينال ايضا من حق الرجل، وهو يتعارض مع مفهوم
المواطنة الحقيقية، ويتعارض مع الديمقراطية التي نتغنى بها. وفي
رأينا ان هذا التعارض نابع من طبيعة النظام السياسي الطائفي الذي
اعتمد في لبنان منذ تاسيسه العام 1943 وما زال قائما. ان هذا
النظام يزاوج في الدستور بين النموذج الليبرالي الغربي والصيغة
التوافقية القائمة على محاصصات القوى السياسية – الطائفية، حيث لم
يتم اعتماد النظم الديمقراطية بمفهومها السياسي والاجتماعي. من هنا
يأتي التناقض والاشكاليات التي تبقي الابواب مشرعة دائما لتغليب
المصالح الفئوية الخاصة على العامة. هذا وياتي نص المادة 21 من
الدستور واضحاً، حيث حددت طبيعة النظام البرلماني على الشكل التالي
:
تتوزع
المقاعد النيابية وفقا للقاعدة التالية :
-
بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين.
-
نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
-
نسبيا بين المناطق.
وعلى هذا الاساس،
ونتيجة للخلافات بين الزعماء السياسيين وزعماء الطوائف، اعتمدت في
العام 1943 صيغة تفصيلية مؤقتة، رسمت لهم خارطة الطريق لكيفية
تقاسم السلطات فيما بينهم على الشكل التالي :
-
رئاسة الجمهورية للطائفة المارونية
-
رئاسة السلطة التشريعية للطائفة
الشيعية.
-
رئاسة السلطة التنفيذية للطائفة
السنية.
ملاحظة :
ان هذه الصيغة التي اعتمدت منذ فجر الاستقلال بقيت عرفاً
واتفاقاً غير مكتوب، لكنها اعتبرت جزءاً مكملاً للدستور له نفس
الفعالية. ومع مرور الزمن اصبحت من الثوابت، وهذا ما عرف بـ "
المؤقت الدائم "، الى ان كرست بعد اتفاق الطائف كما سبق وذكرت.
اذن وباختصار،
يمكننا ان نحدد اهم خصائص النظام السياسي اللبناني على الشكل
التالي:
-
اعتماد المحاصصة الطائفية دستوراً،
واهم تجلياتها طائفية الوظيفة، التي تحدد الوظائف حسب الطائفة
والمذهب، وتبقى بعض الوظائف حكراً على فئة من اللبنانيين دون
غيرها.
-
إعطاء العائلات الروحية على
اختلافها، حق إنشاء مدارسها الخاصة بها وحرية التعليم فيها وتعدد
مصادره، وذلك وفق المادة العاشرة من الدستور. مما أدى إلى الاختلاف
في الرؤية للهوية الوطنية التي بقيت مسار جدل حتى تم حسمها في
اتفاق الطائف. كذلك الحال فيما يتعلق بقراءة وتقييم تاريخ لبنان
وحاضره ومستقبله، والدور المناط به في محيطه العربي وعلاقته بقضايا
امته وخصوصاً القضية المركزية (قضية فلسطين).
-
اعتماد الاستقلال الذاتي لهذه
الطوائف في إدارة شؤون الاحوال الشخصية والتحكم بمصير حياة
المواطنين .
-
إعطاء الحق لزعماء الطوائف في نقض
ورفض اي تغيير او تحديث للقوانين المرعية اذا شعرت انها تمس
بمصالحها هي، وليس بمصلحة ابناء الطائفة مما يمكنهم من احكام
القبضة على مصير البلاد والعباد. وبحسبة بسيطة نرى انه لدينا 15
شكلاً من اشكال المواطنة تبعا لـ 15 قانوناً للأحوال الشخصية. بدلا
من وجود قانون مدني موحد يشمل جميع اللبنانيين.
-
أما قانون الانتخاب، فبدلا من ان
تقوم السلطة باستحداث قانون عصري ديمقراطي يحقق التمثيل العادل
والصحيح لكل اللبنانيين دون استثناء، فإننا نراها تتحفنا في كل
مرة بقانون اسوأ من الذي سبقه، تجرى الانتخابات على اساسه وتأتي
النتائج على قياسه . وخير مثال على هذا، ما حصل في الانتخابات
النيابية الاخيرة التي جرت العام 2009، حيث اعتمد فيها قانون العام
1960 الذي اجمع اللبنانيون على اختلافهم على انه الاسوأ في تاريخ
لبنان .كذلك ما جرى بالامس القريب، في الانتخابات البلدية
والاختيارية وجاءت نتائجها واضحة وضوح الشمس لجهة المحاصصة
والاختلاف على حجم الحصص وليس التنافس على الخدمات والتقديمات التي
كان من الممكن ان يستفيد منها لبنان واللبنانيون.
في ظل هكذا
تواطؤ بين السلطة السياسية وسلطة زعماء الطوائف، اين موقع القوى
الديمقراطية والشبابية والنسائية والنقابية وحتى الاحزاب السياسية
الوطنية والعلمانية ومختلف هيئات المجتمع المدني ؟ الجواب الاكيد
هو : رغم النضالات الطويلة التي تخوضها هذه الأحزاب والمؤسسات
والهيئات، فإنها للأسف لا تجد آذاناً صاغية لمطالبها، وليس لها
مكان أو دور فاعل في الحياة السياسية القائمة. (على سبيل المثال
تخفيض سن الاقتراع واعتماد النسبية والكوتا النسائية).
اذن والحال
هكذا، لا بد من الاعتراف بل التأكيد على ان الدولة اللبنانية واقعة
تحت نظام السيادة المشتركة للطوائف وتشريعاتها الخاصة وليس تحت
سيادة الدولة الديمقراطية وتشريعاتها. وهذا ما عمق الازمة الوطنية
وأزمة الانتماء والهوية، بحيث يصبح المواطن طائفياً بالتبعية
وخاضعاً لتشريع طائفته بموافقة ورضا وتواطؤ الطبقة السياسية، وهذا
ما حول اللبنانيين من مواطنين كاملي المواطنة الى رعايا طوائف
وأتباع لزعمائها، تشحنهم وتستعملهم كقوة خاصة بها وتحركها كيفما
شاءت تحت شعار الدفاع عن حقوق الطائفة وامتيازاتها.
بعد هذا العرض
والتوصيف المختصر للتناقض الواضح بين ما اقره الدستور صراحة وبين
ما نعيشه على ارض الواقع، لا بد من التأكيد على ان الديمقراطية
تتحقق عندما يصبح الناس في الدولة مواطنين وليس رعايا . ذلك ان
المواطنة الكاملة مرتبطة الى حد كبير بديمقراطية مؤسسات الدولة
وبمؤسسات المجتمع المدني بكل تشكيلاته من أحزاب سياسية واتحادات
نقابية وهيئات نسائية وشبابية واجتماعية وثقافية، حيث تقع على هذه
المؤسسات مهمة تطوير الوعي الديمقراطي عند الناس والعمل من أجل
ترسيخه بالممارسة الصحيحة. لان الديمقراطية الحقة هي الطريق الذي
يحرر الانسان من القيود التي تكبله، وهي النظام الذي يصون الحرية
ويحقق العدالة الاجتماعية والمساواة امام القانون، ويؤمن تكافؤ
الفرص امام المواطنين كافة. وهنا تكمن اهمية الديمقراطية بمضمونها
الاقتصادي الاجتماعي، اضافة الى مفهومها السياسي.
أيها الحضور
الكريم،
على ضوء ما
تقدم ترى لجنة حقوق المرأة اللبنانية ان من حقها ومن واجبها في
مؤتمرها السابع عشر أن تقدم بعض الاقتراحات التي يمكن ان تسهم في
التغيير المنشود أي الانتقال من دولة الطوائف إلى دولة المواطنة
والديمقراطية :
أولاً
: الكف عن التغني بمقولة
(الفرادة ) أن لبنان وحده يتميز بتعدديته البنيوية كوطن وكنظام لا
يشبه أحداً على الأقل في محيطه العربي. كم كنا نتمنى أن تسهم هذه
الفرادة في وحدة الوطن وديمقراطيته. لكن للأسف لقد ساهمت هذه
الفرادة باشكال من الصراعات والحروب الأهلية وعمقت الشرخ الطائفي
والمذهبي. مما جعل هذا التمايز ينعكس سلباً وليس إيجاباً على حقوق
الفرد والمجتمع. كما أضعف شعور الفرد والجماعة بالانتماء والولاء
للوطن. وتم الالتصاق أكثر بالانتماء للطائفة وتغليب هذا الانتماء
كمرجعية اساسية. الأمر الذي ترك ساحة الوطن عرضة للتجاذبات
والنزاعات والصراعات الطائفية التي تتغذى من نبع السلطات السياسية
المتعاقبة، وشرع أبواب سيادته واستقلاله أمام تدخل العناصر
الإقليمية والدولية في شؤونه واستجلاب الوصايات المتعددة إليه، لا
سيما وان لبنان في قلب الصراع العربي الإسرائيلي. وفي هذا الإطار،
لا بد من الإشارة إلى ما شهده الوطن ولفترات عديدة من تهجير وخطف
متبادل وقتل على الهوية. كل هذا أدى إلى تغيير ديمغرافي في
تركيبته، إضافة إلى سلسلة الاغتيالات والتفجيرات الأمنية التي
حصلت، مما أدى إلى فقدان المناعة الوطنية، والحق الفرد بالمذهب
والمذهب بالطائفة. وبحجة الحماية الطائفية، استطاع هذا النظام سلب
حقوق المواطن في العيش الكريم. وهذا ما أوصل إلى انتفاء فرص العمل
وتفاقم هجرة الشباب بحثاً عن العمل وهجرة بعض العائلات بحثاً عن
الأمان.
يجب الاقرار
بأن الدستور ليس كتاباً سماوياً لا يجوز المساس به، بل هو قابل
للتعديل والتطوير حسب متطلبات العصر والمرحلة والضرورة الوطنية.
خصوصاً وانه يوجد في بعض المواد التفصيلية وفي الآليات الموضوعة
تناقض جلي مع المواد الأساسية والفقرات التي سبق ذكرها آنفاً.
وعلى هذا الأساس
علينا التمسك بتطبيق أحكام الدستور الايجابية لان العلة ليست كلها
بالدستور بل بالتطبيق الاستنسابي لهذه الاحكام.
ثانياً :
تطبيق الاصلاحات المتعلقة بـ :
1-
إلغاء الطائفية السياسية، وذلك كخطوة
على طريق إلغاء الطائفية من النظام وبناء الدولة الديمقراطية
العلمانية.
2-
توحيد كتابي التاريخ والتربية
الوطنية وفرضهما على المدارس كافة باختلاف مرجعياتها الدينية
ومصادرها الثقافية. وهذا – بحد ذاته – يحقق رؤية موحدة للوطن الذي
يطمح إليه المواطنون كافة.
3-
اعتماد اللامركزية الادارية وسياسة
الانماء المتوازن في مختلف المناطق.
4-
وضع قانون انتخاب عصري خارج القيد
الطائفي يعتمد التمثيل النسبي، بحيث تتمثل فيه جميع فئات الشعب
اللبناني دون استثناء.
5-
اعتماد حق الحصة للمرأة (الكوتا)،
مرحلياً من أجل ترسيخ فكرة المشاركة الحقيقية للمرأة في الحياة
السياسية ووضع آليات ديمقراطية لتطبيقها، وذلك انسجاماً مع المادة
الرابعة من اتفاقية سيداو ومع توصيات المؤتمر النسائي العالمي
الرابع المنعقد في بكين العام 1995.
6-
الاسراع بإقرار تخفيض سن الاقتراع
إلى 18 سنة.
7- اعتماد صيغة
الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، والحرص على استقلالية
القضاء.
8- صون الحريات
العامة وضمان حرية العمل الحزبي واعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع
المدني العاملة من أجل تطوير المجتمع وبناء الدولة. وهذا يستدعي
عودة الروح إلى الحياة السياسية وتنشيط العمل الديمقراطي.
9- الالتزام
بتطبيق الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي وقع عليها
لبنان، ورفع التحفظات عن اتفاقية سيداو.
أيها الأصدقاء والصديقات،
لا بد من التوقف
أمام فقرة بالغة الأهمية أقرها اتفاق الطائف (العام 1989) الذي عدل
بموجبه الدستور اللبناني، والتي تنص على ما يلي :
تحرير
لبنان من الاحتلال الإسرائيلي
" استعادة
سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً تتطلب الآتي
:
أ- العمل على
تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة
الاحتلال الإسرائيلي إزالة شاملة.
ب- التمسك
باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949 م.
ج- اتخاذ كافة
الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال
الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش
اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً والعمل على
تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين
الانسحاب الإسرائيلي ولاتاحة الفرصة لعودة الأمن والاستقرار الى
منطقة الحدود" .
بناء على هذه
الفقرة، نرى ضرورة التأكيد على مطامع العدو الإسرائيلي في أرضنا
وثرواتنا المائية واحتلاله أجزاء من الأراضي اللبنانية وخرقه
لقرارات مجلس الأمن الدولي ومواثيق الأمم المتحدة. وخير مثال على
شراسة العدوان الإسرائيلي كان عدوان تموز 2006 وما خلفه من شهداء
وجرحى ومعوقين ونازحين ومشردين، وما ولده من تدمير للمنازل
والأحياء والجسور والبنى التحتية والمؤسسات الصحية والتربوية
والاقتصادية.
ونحن، إذ نؤكد
على اعتزازنا بصمود الشعب اللبناني والتفافه حول جيشه الباسل
ومقاومته ، ندعو إلى :
1)
متابعة مواجهة المخططات الأمريكية والصهيونية التي تستهدف وطننا
لبنان ومقاومة العدوان الإسرائيلي المتواصل، واستكمال النضال من
أجل إنجاز التحرير الكامل والدفاع عن سيادة الوطن وحريته وكرامته.
2)
مطالبة مجلس الأمن الدولي بـ :
أ-
الاحتكام إلى القرارات التي أصدرها وإلى تلك التي شدد عليها
القانون الدولي والإنساني الذي أكد على تجنيب المدنيين والنساء
والأطفال العمليات الحربية وحمايتهم وتأمين كل ما يلزم للإنسان.
ب-
إدانة جرائم المعتدي ومعاقبة القاتل والوقوف مع الضحية وليس العكس.
ج-
تطبيق القرارات الصادرة عنه وعن الجمعية العامة، والزام إسرائيل
بتنفيذها.
وهذا يستدعي :
·
تسليم خارطة للأماكن التي زرعت فيها
القنابل العنقودية.
·
الانسحاب من مزارع شبعا وتلال
كفرشوبا وبقية الأراضي اللبنانية التي ما زالت ترزح تحت الاحتلال
الإسرائيلي.
·
إطلاق سراح بقية الأسرى اللبنانيين
لدى إسرائيل، والكشف عن مصير المفقودين منذ العام 1975 وحتى اليوم.
د- إدانة إرهاب الدولة خاصة الجرائم اللانسانية للمحتل
الاسرائيلي.
هـ - الإقرار بحق الشعوب بمقاومة العدوان والحصار
والاحتلال والاعتقال.
إن لجنة حقوق
المرأة اللبنانية إذ تنشد السلام لجميع سكان الأرض، تؤكد على حق
الشعوب بالدفاع عن نفسها، كما جاء في مقدمة البيان التأسيسي لهيئة
الأمم المتحدة.
أيها الأصدقاء والصديقات،
ان معركة التحول
الديمقراطي هي معركة تحديث الدولة والمجتمع في آن، معركة
تغييرحقيقي في الثقافة والقيم والعلاقات الاجتماعية السائدة،
بمقدار ما هي معركة تغيير في العلاقات السياسية القائمة. وهذه
المعركة ليس معني بها طرف واحد بل تتطلب تكاتف جميع القوى المتضررة
مما هو قائم من اجل احداث التطور والانتقال بالبلد من الحالة
الطائفية الى الوطن بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهذا براينا هو
الخيار الصحيح بل الحاجة الوطنية الملحة من اجل تحقيق المواطنة
الكاملة للانسان اللبناني.
ونحن في لجنة
حقوق المرأة اللبنانية نعي تماماً بأن الطريق طويلة وغير معبدة
بالورود والرياحين. كنا ولا نزال نؤمن بالعمل الجبهوي ويدنا ممدودة
دائماً للنضال سوياً مع جميع القوى الفاعلة وقوى المجتمع المدني
الناشطة في سبيل تحقيق ما نصبو إليه للوصول إلى وطن ديمقراطي
علماني لا طائفي، تتحقق فيه المواطنة الكاملة لجميع اللبنانيين.
شكرأ لإصغائكم
غانية الموصلي دوغان
ا لمواطنة و
دولة الطوائف
الجلسة الثانية
المواطنة و
قوانين الأحوال الشخصية
تقديم
عائدة نصر الله حلواني
المؤتمر
السابع عشر للجنة حقوق المرأة اللبنانية
بيروت -
قصر الأونسكو
28 و 29
أيار ، 2010
المواطنة
وقوانين الأحوال الشخصية
الأحوال
الشخصية
هي مجموع الأوصاف
والحالات التي تميز كل شخص عن الآخر. بعضها غير إرادي، كأن يكون
المرء ذكراً أم أنثى، كامل الأهلية أو ناقصها، شرعياً أو غير شرعي.
وبعضها الآخر إرادي، كالزواج والطلاق والوصاية والوصية والبنوة.
وبعضها مفروض بموجب القوانين كالحجر والنفقة والإرث...
ماهي،
استطراداً، قوانين الأحوال الشخصية ؟
إنها القوانين
التي تنظم أحوال المرء الشخصية، المشار إليها أعلاه، وتضبطها وترتب
عليها نتائج قانونية.
طبيعة
قوانين الأحوال الشخصية القائمة في لبنان
ان النظام الذي
يرعى الأحوال الشخصية في لبنان، متعدد المصادر، وغير متجانس، وهو
قائم على التمييز بين رجل وآخر، بين امرأة وأخرى، وبين المرأة
والرجل. إنه مجموعة قوانين متباينة، تتعدد بتعدد الطوائف والمذاهب
(15 قانون لـ 18 طائفة ومذهب)، ومحاكم مختلفة للموضوع نفسه، مما
ينفي مبدأ المساواة بين اللبنانيين أمام القانون. وبما أن
المواطنة، وإن تباينت تعريفاتها، هي حقوق وواجبات متساوية بين
المواطنين، مهما اختلفت انتماءاتهم الأولية (العائلية والمذهبية
والطائفية...) وبما أن المواطنين اللبنانيين يخضعون لمراجع قانونية
مختلفة ومتناقضة في أحوالهم الشخصية، تحمل في طياتها تمييزاً
فاضحاً بين الرجل والرجل وبين المرأة والرجل، فإننا نستطيع الجزم
بأن اللبنانيين ليسوا مواطنين بالمفهوم الحقوقي والسياسي والقانوني
للمواطنة، المفهوم المرتبط بالدولة الديمقراطية وبمبادئ الحرية
والعدالة والمساواة، بل إنهم مجموعات أو قبائل ورعايا، لا يجمع
بينهم سوى التواجد في بقعة جغرافية واحدة...
إضافة إلى ذلك،
إن المواطن اللبناني ملزم أن ينتمي إلى طائفة من الطوائف شاء ذلك
أم لم يشأ : بعض هذه الطوائف أطلق عليها اسم الطوائف التقيليدية
وعددها 18 طائفة، لها الحق بأن يكون لها قانون خاص للأحوال
الشخصية؛ وبعضها غير تقليدية ليس لديها قوانين للأحوال الشخصية -
يضاف إليها كل من يريد أن تكون الدولة مصدر التشريع الوحيد له –
وعدت الدولة بإصدار قانون مدني يطبق على هذه وهؤلاء، واصطلح على
تسمية هذه الطوائف بـ " طائفة الحق العادي " (المادة 60 ل.ر من
القانون الصادر العام 1936). لكن الدولة لم تصدر أي قانون مدني
للأحوال الشخصية لهذه الطائفة، مما فتح ثغرة في التشريع، وأبقى فئة
من اللبنانيين بدون قانون أحوال شخصية.
الخلفية
السياسية والتاريخية والقانونية لأنظمة الأحوال الشخصية في لبنان
تمتد جذور
الطبيعة الطائفية والمذهبية لقوانين الأحوال الشخصية وتنغرس في
تركيبة النظام السياسي للبنان، الذي قام على تسوية تعتمد المحاصصة
الطائفية والمذهبية في الدستور منذ تأسيس الدولة اللبنانية العام
1926، وتنسحب على محطات مفصلية في تاريخه.
فقد حدد الميثاق
الوطني العام 1943 حصة محددة للتمثيل السياسي لكل طائفة ومذهب، في
مختلف المؤسسات العامة، وكذلك اتفاق الطائف التزم بمبدأ المحاصصة،
لكنه عدل النسب والحصص في صلاحيات المؤسسات الدستورية. (المادة 95
من الدستور والطائفية السياسية) (المادتان 9 و 10 من الدستور،
أقرتا بحق العائلات الروحية اللبنانية بالتمتع بصلاحيات استثنائية،
وباستقلال ذاتي للطوائف الـ 18 المسماة تقليدية، كما بالحق لكل
طائفة أو مذهب بإنشاء مدارسه، وبحرية التعليم، وبالحياد التام
للدولة فيما يخص الأحوال الشخصية، وبإعطاء الطوائف والمذاهب الحق
في التحكم بشؤون الأحوال الشخصية للناس، كما في إدارة مصالحها. كما
يعترف الدستور في مادته التاسعة (9) بمبدأ التمييز بين رجل ورجل
وبين امرأة وامرأة وبين الرجل والمرأة حين يشير إلى أن "الدولة
تضمن للأهلين على اختلاف مللهم، احترام نظام الأحوال الشخصية
والمصالح الدينية".
انعكاس
الحالة الطائفية والمذهبية وغياب المواطنة على الوطن والمواطن
ان التركيبة
الطائفية والمذهبية المكرسة في الدستور، والتي قامت على أساسها
الصيغة اللبنانية، كما تفويض الطوائف والمذاهب بالحل والربط في
مسائل الأحوال الشخصية، إضافة إلى عدم تشريع الدولة في هذا المجال،
وعدم تطبيق ما أشار إليه القرار 60 ل.ر الصادر في آذار 1936 – أنتج
تعدداً في المرجعيات القانونية في مجال الأحوال الشخصية، إضافة إلى
عدم المساواة بين المواطنين أمام هذه القوانين وعدم عدالتها
وقصورها عن التعبير عن الوضع الحالي للنساء في مختلف ميادين الحياة
وأدوارهن الجديدة.
كما انعكس
إضعافاً لشعور الفرد بالانتماء إلى الوطن والولاء له، وذوبانه
وإلحاقه، بالطائفة أو المذهب، فسلبت حقوقه بحجة الدفاع عن الطائفة
وحمايتها، وتناقصت إلى حدها الأدنى حقوق الفرد داخل الطائفة. فهناك
حقوق للطائفة أو المذهب، لا بل لزعيم الطائفة أو المذهب وليس
للمواطن الفرد، ما أحدث اختلالات بنيوية كرست في الدستور وانعكست
في القوانين فأحدثت عدم توازن بنيوي فجر صراعات وحروباً أهلية،
كنتيجة للمحاصصات الطائفية والمذهبية والنزاعات التي تتغذى منها،
ما خلف أيضاً فقداناً للمناعة الوطنية، وفتح ثغرة للتدخلات
الخارجية. فكيف نتحدث والحالة هذه عن مواطنة، " فالطائفية" نقيض
"المواطنية" يمكن وصفها بحركة عنصرية.
السمات
العامة التي تطبع القواعد الحالية التي ترعى شؤون اللبنانيين في
أحوالهم الشخصية
أولاً :
ملاحظة عامة :
ظلت الطوائف
اللبنانية (محمدية ومسيحية ويهودية) تخضع لأحكام المذهب الحنفي في
شؤون الإرث والوصية حتى 6 آذار 1929.
ثانياً :
قواعد الإرث والزواج والطلاق عند الطوائف غير المحمدية
- قانون 7 آذار
1929 أتاح لغير المحمديين تغيير بعض قواعد الإيصاء وتحقيق بعض
المساواة في الإرث بين الذكور والإناث.
- تلاه قانون
الإرث لغير المحمديين في 23 حزيران 1959، الذي قلب الأحكام الإرثية
السابقة راساً على عقب. وهو يعتبر قانوناً مدنياً فيما يخص الإرث
والوصية.
فالأحكام الجديدة
لهذا القانون هي التالية :
·
إقرار مبدأ المساواة بين الذكور
والإناث.
·
إقرار حق الخلفية (يحل الفرع محل
الأصل المتوفي قبل وفاة المورث : الجد مثلاً).
·
إقرار توريث المولود غير الشرعي
المعترف به.
·
إقرار التوريث عند اختلاف الدين أو
الجنسية بين الوارث والمورث.
·
إقرار حصة إرثية محفوظة لبعض الورثة.
·
إقرار إمكانية الإيصاء ضمن نصاب محدد
لوارث ولغير وارث.
-
الزواج
: عند الطوائف المسيحية غير مباح إلا بين أبنائها. سن الزواج :
-
الكاثوليك : 16 للصبي 14 للبنت مع
إمكانية (التنقيص).
-
أورثوذكس : جرى تعديل، فأصبح 18
للصبي 18 للبنت مع امكانية (التنقيص).
-
الطلاق
:
·
لدى الطوائف الكاثوليكية غير جائز،
أما الهجر وافتراق الزوجين والفسخ فجائزان ضمن شروط. (قول السيد
المسيح "من طلق زوجته لغير علة الزنى فقد عرضها للزنى".
·
الطلاق لدى الطائفة الإسرائيلية
جائز، وهو في يد الرجل فقط (كما هو الحال عند المسلمين)
-
التبني
: المسيحية أجازته ضمن شروط
·
لم تجزه اليهودية
-
الحضانة : أرمن أرثوذوكس وسريان أورثوذوكس : 7 سنوات للصبي
و 9 سنوات للبنت.
* طائفة الروم
الأورثوذوكس : رفعت سن الحضانة إلى 14 سنة للصبي 15 سنة للبنت.
* الطوائف
الكاثوليكية : لم ينص قانونها على سن الحضانة، وإنما على حق
الرضاعة للأم حتى بلوغ السنتين (2).
* الطائفة
الإنجيلية : (العام 2006) رفعت سن الحضانة من 7 سنوات إلى 12 سنة.
وبالتالي :
المحاكم الروحية والمذهبية الخاصة بكل طائفة أو مذهب هي التي تنظر
في مسائل الزواج المتشعبة. والمحاكم المدنية العدلية تنظر في
قضايا الإرث والوصية (عند الطوائف غير المحمدية).
ثالثاً -
قواعد الإرث والزواج والطلاق والتبني عند الطوائف المحمدية
- الإرث
: للذكر مثل خظ الانثيين قاعدة شرعية : ثلثا الإرث محفوظان للورثة
الشرعيين ويوزعان وفق الفريضة الشرعية عند جميع الطوائف
الإسلامية.
- الوصية :
* لا تجوز لغير
وارث عند السنة، وهي مقيدة بنصاب (الثلث)
* تجوز لوارث
ولغير وارث عند الشيعة. وهي مقيدة بنصاب (الثلث أيضاً)
* غير مقيدة بأي
نصاب، تصح في وارث وفي غير وارث درزياً كان أم لا، عند الدروز.
ملاحظة
: الإرث عند الدروز : تركة المورث توزع وفق الشرع الحنفي فقط عند
عدم وجود وصية.
- الزواج :
سن الزواج :
السنة : 18
للصبي 17 للبنت (مع إمكانية التنقيص)
الشيعة : 15
للصبي 9 للبنت (الشرط هو البلوغ)
الدروز : 18
للصبي 17 للبنت (مع إمكانية التنقيص)
* الزواج عند
المسلمين هو عقد ذو طابع مدني، يتم بالتراضي بين الزوجين ويدرج فيه
المتعاقدان ما يشاءان من شروط في حدود القانون.
* الزواج بين
مسلم وغير مسلمة كتابية مباح.
* الزواج بين
مسلمة وغير مسلم كتابي غير مسموح.
* الزواج عند
الدروز غير مباح سوى بين درزيين.
تعدد
الزوجات : أباح التشريع
الإسلامي التزوج بأربع وحرم ما زاد على ذلك، وقد قيد التعدد بالآية
الكريمة بقيدين :
1-
القدرة على الانفاق
2-
العدل بين الزوجات
- لا يصح تعدد
الزوجات عند الدروز
- الطلاق :
العصمة في يد
الزوج ولا يتم الطلاق بناء لطلب الزوجة إلا في حدود ضيقة، ولأسباب
محصورة جداً (كتهديد الحياة أو إجبار الزوجة على الدعارة...)
·
الطلاق عند الدروز تبعاً لقانون
الأحوال الشخصية العام 1948، ساوى بين المرأة والرجل في حق طلب
الطلاق أو التفريق.
·
الطلاق مباح لدى الطوائف الإسلامية.
ملاحظة
: عند جميع الطوائف الإسلامية لا يتم الطلاق إلا بحكم القاضي،
ولقاء عطل وضرر يلزم به غير المحق من الزوجين.
- الشريعة
الإسلامية تتيح للأم أن تكون ولياً على نفس الصغير (عندما يكون في
رضاعتها أو حضانتها) وعلى فاقد الأهلية أو قيماً على ماله.
- الحضانة
:
* السنة والدروز
: 7 للصبي و 9 للبنت
* الشيعة : 2
للصبي و7 للبنت
الخلاصة
:
أ- قواعد الإرث
والوصية عند الطوائف غير المحمدية، أصبحت تستند إلى قانون مدني
إلزامي، أما القواعد التي ترعى الزواج وشروطه واستمراره وانحلاله
ونتائجه ومفاعيله والتبني والحضانة، فإنها قواعد مستقاة غالباً
من الأعراف الدينية أو من صلب العقيدة. والزوج هو رأس العائلة
حسب العقيدة. والمرأة محكومة بالتبعية والدوطة والخضوع.
ب- بالمقابل ان
قواعد الارث والوصية وحق الطلاق ومنع التبني، عند الطوائف
الإسلامية، مستمدة من أحكام الشريعة، أما عقد الزواج فهو ذو صفة
مدنية يتم بالتراضي.
- الزوج هو رأس
العائلة وعلى الزوجة إطاعة زوجها بالمعروف عند المسيحيين والمسلمين
على حد سواء.
- المحاكم
الشرعية السنية، والجعفرية (الشيعية)، والمذهبية الدرزية، هي وحدها
صاحبة الاختصاص للنظر في مسائل الأحوال الشخصية العائدة لأبنائها.
قوانين
الأحوال الشخصية القائمة : استنتاجات وانعكاسات
* تتعدد
القوانين الاستثنائية ويغيب القانون العام
- الزواج
: سن مبكر – خضوع المرأة للزوج – الزواج غير مباح غالباً بين
الطوائف المختلفة - تعدد الزوجات لا زال مباحاً في بعض الطوائف.
- الطلاق
: سهل، وفي يد الرجل في بعض الطوائف – وشبه مستحيل في طوائف أخرى –
خاضع للتحايل والتملص والمراوغة – ضيق المجال أمام المرأة.
الحضانة
: حرمان الأم من الطفل في عمر
صغير – بطء في سير الإجراءات القانونية مما يفقد الأم حقها في
حضانة الأولاد (هذا الحق المنقوص أصلاً)...
الولاية
والوصاية : السلطة العائلية
للرجل – لا تؤخذ مصلحة الصغير بعين الاعتبار.
النفقة
: في المبدأ على عاتق الزوج – عدم الصدق في التصريح عن الوضع
المادي للزوج – أحياناً لا يتم تنفيذ الحكم ...
الإرث
: للذكر مثل حظ الانثيين لدى الطوائف المحمدية قانون الارث لغير
المحمديين هو قانون مدني جيد (1959).
الوصية
: مختلفة بين مذهب وآخر وبين طائفة وأخرى.
التبني
: جائز في بعض الطوائف وغير
جائز في بعضها الآخر.
·
غياب أي تشريع حتى الآن يحمي المرأة من العنف
الأسري
رغم السعي الحثيث
والمبادرة التي جرت مؤخراً (أقر مؤخراً مشروع القانون في مجلس
الوزراء وأحيل إلى المجلس النيابي فرقد في أدراج المجلس..)
·
المصادر التي استقيت منها هذه
القوانين متعددة : الموروثات والتقاليد - مصادر دينية (مسيحية –
إسلامية... ) حركة الواقع.
·
المحاكم التي تخص الأحوال الشخصية
متعددة.
·
المرأة مواطنيتها منقوصة.
·
التعدد والتخلف والتمييز، في قوانين
الأحوال الشخصية القائمة، ينعكس على القوانين المدنية التي تخص
المرأة فيترك بصمات مؤلمة من التمييز أيضاً، إذ أن المرأة على
خلفية هذه القوانين.
-
لا تتقاضى تعويضاً عائلياً عن أفراد
أسرتها إلا في حالات محددة.
-
تعاني من عدم المساواة في قانون
الضريبة.
-
تعاني من التمييز في قانون العقوبات.
-
تعاني من التمييز في قانون الضمان
الاجتماعي (المادة 46).
-
تعاني من التمييز في قانون الجنسية.
·
تمييز في الممارسة كذلك : العاملات
الزراعيات مهمشات لا يشملهن أي قانون – تمثيل النساء في النقابات
لا يزال مزرياً، خاصة في مراكز القرار – المشاركة السياسية للمرأة
بائسة.
·
عدم ملاءمة قوانين الأحوال الشخصية
الحالية مع تغير واقع المرأة العلمي والاجتماعي.
·
التحفظ على اتفاقية
CEDAW (المادة 16
المتعلقة بالمساواة في قانون الجنسية، والمادة 9 المتعلقة
بالمساواة في قوانين الأسرة).
·
تأقلم المرأة غالباً مع الواقع
الظالم.
·
تحديات سياسية
: لها علاقة بالمرأة إذ أصبحت المرأة في لبنان في ظل واقع التمييز
هذا، أصبحت مادة سياسية بأيدي الدول التي تستغل واقعها المزري
لتنفذ منه كي تتدخل في شؤون بلدنا الداخلية السياسية، راصدة
الأموال لذلك.
·
لقد أسهم هذا الوضع، يعزره قانون
انتخاب قائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية – أسهم في خلق
واقع اجتماعي مشرذم، بل مجتمعات متباينة، وجزر طائفية حقوق
الأفراد فيها تمر عبر طوائفهم. مما أدى إلى جعل بنية النظام هشة،
قابلة للتصدع في أي وقت، وما أدى أيضاً للولاء للطائفة لا للوطن.
-
علماً أن الوضع الحالي يتنافى مع
المبادئ التي كرسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
والاتفاقيات الدولية التي وردت في مقدمة الدستور وأصبحت
جزءاً لا يتجزأ منه.
-
إضافة إلى انه يتناقض مع اتفاقية
CEDAW
التي أبرمها لبنان العام 1996.
-
كما أن حق السيادة منتهك في ظل تطبيق
قوانين دول أجنبية في لبنان على الزيجات المدنية بين لبنانيين
والمعقودة في هذه الدول. إذ أن القاضي اللبناني ملزم تطبيق قانون
أجنبي على مواطنين لبنانيين في لبنان. في ظل غياب قانون مدني
للأحوال الشخصية – كما أن الوضع الحالي يشجع على التحايل على
القانون وعلى الدين، فيغير المواطن مذهبه مفتشاً عما يلائمه، إما
لحرمان من إرث، أو لإعطاء حقوق إضافية، أو للتخلص من زواج...
ولكن، كم من
الألم ! وكم من القهر والأنين المكتوم الذي يكاد يفتت جدران
المنازل ! وكم من الظلم الواقع على الكثيرين بسبب الوضع الحالي،
ونتيجة التمييز، وغياب العدالة والمساواة التي تتخلل قوانين
الأحوال الشخصية الطائفية القائمة !
وأقسى هذا
الظلم كما لاحظنا يقع على كاهل النساء :
فمن الضرب والعنف
الجسدي الممارس عليهن باسم هذه القوانين، إلى الطلاق أو الهجر أو
الاهانة، أو حرمانهن من أولادهن وإرثهن لأسباب مختلفة، أكثرها هو
افتراء وتسلح بقوانين أحوال شخصية تكرس البنية الأبوية التقليدية
للمجتمع، وتطلق يد الرجل في تحديد خيارات الأسرة وتضع المرأة في
موقع التبعية.
وبسبب انعدام
الآليات الديمقراطية داخل الطوائف، تصبح مطالبة المرأة بأي تعديل
لهذه القوانين، غير مجدية، لا بل مستحيلة، حتى في حالات تعارض هذه
القوانين مع الدين. او في حالات تكريسها التقاليد والعادات المجحفة
بحق المرأة تحت غطاء الدين - كما يقول أحد الحقوقيين، (غير آخذة
بالاعتبار التغيير الكبير الذي شهدته العقود الأخيرة في واقع
المرأة على كل صعيد).
ومما يفاقم
المشكلة هو تقاعس الدولة عن القيام بواجباتها تجاه المواطنين،
وتنازلها للطوائف عن حقها في التشريع، محاباة للمراجع الطائفية
لأسباب سياسية. مضافاً إليه إعلام المراجع السياسية والطائفية الذي
صوّر القانون المدني للأحوال الشخصية عندما طرح في محطات عديدة
(بدءاً بمبادرة نقابة المحامين العام 1951. وانتهاء بمبادرة الرئيس
الهراوي وهيئة دعم القانون المدني واللقاء من أجل قانون مدني العام
1998 – صوره هذا الإعلام وكانه دعوة لتفكيك الأسرة.
ومرة جديدة يطرح
نفسه الاطمئنان إلى الظلم، والركون الى التمييز، وباختصار، الخوف
من التغيير، يعززه في مجتمعنا، نقص في معرفة حقيقة قانون مدني
للأحوال الشخصية. إن التطور لا يحصل من تلقاء نفسه، فلم لا يكون
لبنان، الصغير بحجمه، متميزاً بنظامه العلماني الديمقراطي، الذي
يتعزز فيه الانتماء إلى الوطن بدل "تناهشه" الحاصل من قبل الطوائف،
إذا استمرت الحال على ما هي عليه ؟.
إضافة إلى أن بعض
الدول العربية والإسلامية تصرفت بقوانين الأحوال الشخصية تبعاً
للضرورات التي يفرضها الواقع المتغير باستمرار (مصر ألغت المحاكم
الطائفية – في تونس قانون واحد ومحاكم واحدة وإصلاحات متقدمة –
وفي تركيا قانون مدني..) فلم لا نستفيد من تجارب الآخرين ؟ ولم
لا نسعى الى ما يوحد ويجمع ويساوي بين المواطنين، كي نصبح بالفعل
مواطنين وتتحقق المواطنية الفعلية.
القانون
المدني للأحوال الشخصية هو الحل
اننا بصريح
العبارة نريد قانوناً مدنياً للأحوال الشخصية يضع حداً للعديد من
المشاكل على الصعد السياسية والاجتماعية والشخصية، فيحقق المواطنية
المفقودة ومبدأ السيادة المنتهك بتطبيق قوانين دولة اخرى على ارض
لبنان وعلى اللبنانيين، ويحقق كذلك مبدأ المساواة بين المواطنين
أمام القانون، هذا المبدأ المقر بالدستور وبالإعلان العالمي لحقوق
الإنسان واتفاقية CEDAW،
إضافة إلى انه يحد من التحايل على القانون وعلى الدين، ويسهم في
تنظيم أوضاع شريحة واسعة من اللبنانيين (الفئات الشابة المنفتحة
على مبادئ العدالة والمساواة والحرية والديمقراطية، بالاضافة إلى
الطوائف غير التقليدية والزيجات المختلطة...) وأهم ما فيه انه قابل
للتعديل تبعاً لدينامية التغيير والتطور الحتميين في المجتمع
البشري.
إننا نريد
قانوناً مدنياً واحداً موحداً للأحوال الشخصية، ملزماً لكل مواطن
ومواطنة، ويترك الاختيار لكل مواطن، في أن يعقد زواجاً دينياً فيما
بعد، حسب طائفته أو مذهبه إذا شاء ذلك.
وبما أن الظلم
الأكبر واقع على المرأة في قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها،
كما سبق وأشرنا؛ فالقانون المدني يمكن أن يخفف من معاناتها، ويحقق
المساواة القانونية بين الجنسين وينعكس إيجاباً على استقرار الأسرة
ولمصلحة الأولاد.
ان القوانين حسب
بعض الدراسات ترتبط بحركتين : حركة الواقع بكل مقوماته الاقتصادية
والاجتماعية، وحركة الأفكار والمعتقدات؛ والحركة هي التغيير.
والنظم القانونية هي من فروع النظم الاجتماعية، تنتج عن
ظروف واقعية، وتتغير كلما تغيرت المعطيات الواقعية التي أطلقتها.
بهذا المعنى، القوانين هي مدنية بطبيعتها، وهي مدنية أيضاً
بمصادرها عبر خضوعها لحركتي : الواقع من جهة، والأفكار والمعتقدات
من جهة ثانية. فالمصدر الأول للقوانين هو "العرف"، وهو
عبارة عن مجموعة القواعد التي يباشرها الناس بشكل عفوي وتتفق
الجماعة على تطبيقها بتلقائية وتكرار.
ومن أبرز
المواضيع التي نشات حولها الأعراف، هو موضوع العائلة. ومع تقدم
البشرية أخذ "العرف" بالتراجع لمصلحة التشريع والقوانين
المكتوبة، وأصبحت القوانين تصدر عن أصحاب السلطة السياسية.
إضافة إلى ذلك كان أصحاب السلطة السياسية هؤلاء، مضطرين للتدخل في
معرض العلاقات التي لم تكن معروفة من قبل، والتي لم تكن الأعراف قد
ضبطت حركتها. ومع بروز الامتيازات الدينية المحافظة، تمت السيطرة
على حركة الواقع من خلال تفسيرات متباينة للمعتقدات. أي انه تم
استعمال الدين من قبل أصحاب الامتيازات لضبط حركة الواقع تأميناً
لاستمرار أصحاب السلطة وامتيازاتهم.
فأين نحن
استناداً إلى ما سبق، من الحقوق المهدورة ؟ وبالتالي أين نحن من
حركتي الواقع وحركة الأفكار والمعتقدات ؟
ان موضوع القانون
المدني للأحوال الشخصية هو موضوع تجاذب سياسي قبل أي شيء آخر. وهو
مرتبط بموضوع العلمنة والطائفية السياسية، بالتالي بالحسابات
الشخصية والسياسية لزعماء كل فئة. والذي يؤكد ذلك المواقف الأخيرة
التي تمثلت بطرح إلغاء الطائفية السياسية، كما بردود الفعل على هذا
الطرح، والذي يؤكده ماضياً أيضاً، مواقف عديدة نذكر منها امتناع
بعض الوزراء في وزارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن التصويت إلى
جانب مشروع الزواج المدني يوم عرضه الرئيس الهراوي على مجلس
الوزراء العام 1998، علماً أن بعض هؤلاء الممتنعين عن التوقيع، قد
تزوجوا مدنياً. ويومها رفضت إحالة المشروع إلى مجلس النواب رغم
موافقة أكثرية 21 وزيراً من أصل ثلاثين على ذلك.
أيها الحضور
الكريم،
"المواطنة
ودولة الطوائف" هو الشعار الذي
ارتأيناه لمؤتمرنا السابع عشر ولكن، ربطاً بما خلصت إليه ورقتي
هذه، المقدمة إلى المؤتمر من نتائج، أؤكد أن بقاء الوضع الطائفي
والمذهبي، المكرس في الدستور، وخاصة قانون الانتخاب الطائفي
الحالي، وقوانين الأحوال الشخصية الطائفية والمذهبية وتعددها،
وغياب قانون مدني موحد للأحوال الشخصية صادر عن السلطة التشريعية،
تجعل شعار مؤتمرنا هذا بحاجة إلى تعديل ليصبح أكثر انطباقاً على
الواقع السيء. وذلك لاننا نعيش في دويلات طائفية ومذهبية، لكل
دويلة قوانين أحوال شخصية خاصة بها ليصبح الشعار الأدق : "
المواطنة والدويلات الطائفية والمذهبية"!!
أيها الكرام،
بما أنها لعبة
مصالح، لم لا ندخل في اللعبة، ونضغط في سبيل مصلحة الشبان والشابات
ومستقبلهم وأمانهم في أسرهم ومجتمعهم ؟ ولم لا نسعى من أجل مصلحة
الغالبية من الرجال والنساء والأطفال في جميع الطوائف والمذاهب،
هؤلاء الذين لهم المصلحة في استحداث قانون أحوال شخصية أكثر عدلاً
وديمقراطية ؟ لم، بشكل أخص، لا نرفع الظلم والقهر التاريخيين عن
كاهل المرأة؟ لم لا نسعى بكل قوانا لاستحداث قانون مدني للأحوال
الشخصية في لبنان ؟.
عائدة نصر الله حلواني
ا لمواطنة و
دولة الطوائف
الجلسة الثالثة
المواطنة
والواقع الاقتصادي والاجتماعي
تقديم
عزة الحر مروة
المؤتمر
السابع عشر للجنة حقوق المرأة اللبنانية
بيروت -
قصر الأونسكو
28 و 29
أيار ، 2010
المواطنة
والواقع الاقتصادي والاجتماعي
مقدمة
إن المواطنة
الاجتماعية هي مؤشر علاقة الدولة بالمواطنين من حيث السياسات
والتقديمات الاجتماعية من جهة، ومن زاوية التنمية الاجتماعية بشكل
أشمل من جهة أخرى. وهي دعامة قانونية تضبط التفاعل بين المواطنين
والدولة وفيما بين المواطنين أنفسهم.
لقد اتخذت حقوق
المواطنة الاجتماعية صفة مؤسسية خلال الانتداب الفرنسي، عندما أعلن
قيام دولة لبنان رسمياً. وقد ثبتت لاحقاً حقوق المواطنة الاجتماعية
في مقدمة الدستور (المعدل العام 1990) والذي يستند إلى "الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان" الذي يؤسس مفهوماً واسعاً للمواطنة
وينطوي على الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية للمواطنين كافة.
أولاً- واقع الاقتصاد اللبناني
لقد بلغ الاقتصاد
اللبناني مأزقاً حقيقياً، وتحولت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
إلى أزمة عامة شاملة تهدد الوطن بأسسه وكيانه. وترتبط هذه الأزمة
بتناقضات النظام السياسي الطائفي التي عاشها الوطن من جهة، وترتبط
من جهة أخرى بالتشوهات في السياسة الاقتصادية المرتبطة بعوامل
هيكلية تتصل بطبيعة الاقتصاد اللبناني. إنها أزمة اقتصاد حقيقي
تعصف بقطاعات الانتاج مترافقة مع أزمة مالية عامة.
ورغم أن لبنان قد
شهد نمواً اقتصادياً في الخمسينات والستينات، إلا أننا نشهد اليوم
تراجعاً في نمو القطاعات المنتجة من جهة، ومن جهة أخرى نشهد نمواً
في الاقتصاد الريعي الذي ارتكز بشكل أساسي على القطاع العقاري،
المطاعم، الفنادق، القطاع المصرفي وخدمات الوساطة، خاصة تلك التي
يؤمنها لبنان بشكل أساسي للبلدان العربية ويغلب عليها قطاع
التجارة. هذا إضافة إلى أن لبنان يشكل جسراً بين الشرق والغرب. إن
حجم الاقتصاد الريعي يقارب أضعاف حجم الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي،
وأضعاف حجم اقتصاد الأصول.
يضاف إلى ذلك :
العجز في الموازنة وفي الحساب الجاري –غلاء المعيشة المرتفع –
تزايد معدلات البطالة وهجرة الكفاءات.
وإذا توقفنا أمام
الاستثمارات الخارجية في لبنان (من لبنانيين يعملون في الخارج أو
من متمولين إقليميين)، نرى أنها بمعظمها تركز على الاستثمار الذي
يستفيد من دورة رأسمال سريعة : اقتصاد البورصات – اقتصاد السندات –
اقتصاد المشتقات النقدية، الشركات العقارية وغيرها من الأشكال التي
لا تتطلب وقتاً طويلاً لتسجيل أرباح طائلة وتحقيق الأهداف المرجوة
منها. إنّ هذه الأموال لا توضع في خدمة تطوير الاستثمارات
التصنيعية والإنتاجية، إلا في ما ندر.
إن السياسة
النقدية وسوء إدارة المالية العامة قد أدتا إلى ارتفاع الدين العام
وبلوغه مستوى مرعباً. وبالتالي على الدولة تأمين خدمة هذا الدين.
وهذا ما أوصل إلى اجتذاب الأموال من الخارج لتغطية العجز الهائل عن
طريق المؤسسات الدولية والدول والصناديق المانحة كبديل عن الدولة
اللبنانية نفسها في مركز القرار الاقتصادي والمالي للبلد.
وتجدر الإشارة
إلى أن الانقسامات السياسية العميقة في لبنان أعاقت وتعيق خلق مناخ
ملائم للنمو الاقتصادي وتطوير البنى الاقتصادية.
·
الاشارة إلى مؤتمر باريس 3
(العام 2007) والشروط المفروضة على مختلف شرائح الشعب
اللبناني (التعاقد الوظيفي – سن التقاعد – خصخصة المرافق العامة
وخاصة التي تجني أرباحاً وغيرها) . كذلك الاشارة الى ورقة بيروت
1.
الإنماء
المتوازن
أكدت
الفقرة ز من مقدمة الدستور على
ما يلي : " الانماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً
واقتصادياً ركن أساس من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام ".
فهل
تم تحقيق ذلك ؟ علماً أن معظم الحضور يعلم بوجود تفاوتات كبيرة بين
المناطق في هذا المجال. ويلعب التفاوت في التنمية بين المناطق
دوراً حاسماً في زيادة حدة النزوح من الريف والمناطق النائية إلى
المدن، أو ازدياد الهجرة إلى الخارج. هذا إضافة إلى أن التركيبة
الطائفية في لبنان تمثل مصدراً إضافياً للتباين الذي قد يؤثر على
مخصصات الانفاق العام، كما قد تحظى هذه التركيبة لأسباب سياسية
بطرح أولويات لبرمجة وتوزيع ما يتطلبه هذا النمو على الخصائص
الاقتصادية والاجتماعية.
إن عدم استغلال
قدرات لبنان الانتاجية توسع دائرة الفقر والتهميش. وقد بينت
الدراسات التي أجريت أخيراً حول الفقر في لبنان أن نسبة 9, 7 % من
السكان يعيشون في فقر مدقع، أي دون خط الفقر الأدنى (ما يعادل 4, 2
دولار أميركي في اليوم ). ان هذه الشريحة عاجزة عن تلبية
احتياجاتها الأشد ضرورة للبقاء. وإذا أخذنا كمقياس خط الفقر الأعلى
(4 دولارات للفرد في اليوم)، لزادت نسبة المبتلين بالفقر إلى 5, 28
% من السكان. وبناء على ذلك يعيش 5, 20 % من اللبنانيين بين خطي
الفقر الأعلى والأدنى. ان هذه المؤشرات تعود للعام 2004، ومن شبه
المؤكد أن الأزمة قد تفاقمت ومعدلات الفقر قد ارتفعت خلال السنوات
الست الأخيرة، وذلك لأسباب عديدة أبرزها تداعيات حرب تموز 2006،
والتضخم العالمي بشكل عام وفي لبنان خصوصاً، حيث انعكس بنسبة كبيرة
على المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية (لا نملك احصاءات جديدة
حول هذا الموضوع).
وإذا طرحنا
تساؤلات حول مدى تأثر لبنان بالأزمة المالية العالمية، ومدى تأثّر
اقتصاده الريعي والوسيط بهذه الأزمة، خاصة عند إفلاس شركات ومؤسسات
عالمية كبرى وإغلاق معظمها، نرى ان لبنان تأثر بهذه الأزمة من جهة
اضطرار العديد من اللبنانيين لترك أعمالهم في الخارج والعودة إلى
الوطن دون عمل.
تداعيات
حرب تموز
كان
للعدوان الإسرائيلي العام 2006 أثر كارثي على البنيتين الاقتصادية
والاجتماعية للبنان :
- استشهد حوالي
1187 مواطناً. جرح حوالى 4398 مواطناً بينهم 15% أصيبوا بعاهات
دائمة.
- حوالي مليون
مواطن اجبروا على النزوح. هذا إضافة إلى الشهداء والجرحى الذين
أصيبوا من جراء الألغام والقنابل العنقودية التي زرعها العدو
الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية.
- أصيبت البنى
التحتية المادية والمدنية والخدمات والمنشآت العامة بأضرار بالغة.
- دمر القصف
الجوي الاسرائيلي : قرى بأكملها خاصة في جنوب لبنان والبقاع وفي
الضاحية الجنوبية لبيروت - 91 جسراً – 11 مستشفى – 35 عيادة صحية
ومركزاً طبياً – 342 مدرسة – 30 مؤسسة صناعية كبيرة - 900 مؤسسة
متوسطة وصغيرة – 13 % مؤسسات صغيرة. هذا إضافة إلى : التلوث –
التسرب النفطي – وجود ألغام وقنابل عنقودية مزروعة في المناطق
الزراعية. وقد أثرت الحرب على جميع القطاعات بدرجات متفاوتة :
المزارعين – السياحة – النقل – الإنتاج الصناعي... الخ.
ايتها
الصديقات والأصدقاء،
انطلاقاً مما
تقدم، لا بد من طرح مسألتين أساسيتين : تركيب القوى العاملة
والحركة النقابية العمالية.
1)
تركيب القوى العاملة
ان توزع القوى
العاملة - حسب القطاعات الاقتصادية - يظهر تجمعاً كبيراً في قطاع
الخدمات والتجارة لغير صالح القطاعات المنتجة. ويقدر عدد القوى
العاملة التقريبي 2, 1 مليون نسمة من الناشطين اقتصادياً، ويشكلون
44 % من السكان في سن العمل (15 سنة وما فوق). وأحياناً نرى أن
القوى العاملة لا تشكل سوى 33 % فقط من إجمالي السكان المقيمين،
بينهم أقلية من الشباب 17 % ، وذلك نظراً للهجرة القسرية الكثيفة
تفتيشاً عن سوق العمل. إن معدل النشاط الاقتصادي للشباب على الشكل
التالي : من 15 إلى 19 سنة ← 1, 16 % ، 20 إلى 24 سنة ←
2, 45 ، من 25 إلى 29 سنة ← 65 % .
وقد أدى ضمور
قطاعات الإنتاج إلى تناقص فرص العمل، وتم استقدام اليد العاملة
الأجنبية الرخيصة بدل اليد العاملة اللبنانية. وهكذا ازدادت ظاهرة
الهجرة التي طالت أكثر من 800 ألف لبناني. كما تشكل البطالة نسبة
20 % في أوساط الشباب. وترتفع هذه النسبة أكثر بكثير في أوساط
الفقراء، وهناك بطالة مقنعة ارتفعت إلى ما نسبته 48 % بين الفئات
العمرية الشابة والجامعيين على وجه الخصوص.
2) الحركة
النقابية والعمالية
لقد شهدت الحركة
النقابية والعمالية - في مراحل سابقة - نهوضاً كبيراً أسهم في نجاح
تحركاتها المطلبية على مختلف الصعد. وكان لبعض التظاهرات
والاعتصامات والاضرابات التي نظمتها أثرها الفعال، إن من جهة
استقطابها للفئات العمالية والشعبية، أو لجهة تحقيق مطالب عديدة
وأحياناً إسقاط بعض الحكومات. لكن هذه الحركة تعيش اليوم أزمة
بنيوية وتتحكم بها منذ سنوات حالة تشرذم وضعف واحتدام التناقضات
الداخلية وتزايد التدخلات المباشرة في أوضاعها وتوجهاتها وبرامجها.
وهناك محاولات لضرب الحركة النقابية وتقسيمها ومصادرة دورها. ويشكل
التسييس الطائفي للعمل النقابي جانباً مهماً من جوانب اقتحام
الطائفية في المجال الاقتصادي والاجتماعي برمته. وتمتلك القيادات
الطائفية قدرة على حجب مظهر الحيوية في مؤسسات المجتمع المدني
وتتعامل هذه القوى مع القضايا الاجتماعية الاقتصادية من منظور
فوقي، وتسيرها وفق مصالحها. وهذا ما يشكل عائقاً أساسياً أمام
التوصل إلى حلول عادلة وإلى إصلاح جذري للأزمة المتفاقمة.
ثانياً-
الواقع الاجتماعي
يعتبر الانفاق
على القطاع الاجتماعي في لبنان مرتفعاً من حيث معدلاته الاسمية
ونسبته من الناتج المحلي الاجمالي. على ان هذا الانفاق المرتفع لا
يتناسب مع المخرجات. سنحاول التركيز على بعض الجوانب الاجتماعية :
التعليم – الصحة – السكن – قضية المرأة – ذوي الاحتياجات الخاصة
– مؤسسات المجتمع المدني :
I-
واقع النظام التربوي التعليمي
·
يعيش النظام التربوي التعليمي أزمة،
أبرز مظاهرها طائفية ومذهبية هذا النظام. وهذا ما تكرسه
المادة العاشرة من الدستور التي تنص على ما يلي :
"التعليم حر
ما لم يخل بالنظام العام أو ينافي الآداب أو يتعرض لكرامة أحد
الأديان أو المذاهب ولا يمكن أن تمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء
مدارسها الخاصة، على أن تسير في ذلك وفاقاً للأنظمة العامة التي
تصدرها الدولة في شأن المعارف العمومية".
وهذا يجعل من بعض
المؤسسات التربوية مؤسسات للفرز الطائفي والمذهبي.
·
رغم إقرار الدستور ما ورد في وثيقة
الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) حول التربية والتعليم، الفقرة هـ
التي تنص على : " توفير العلم للجميع وجعله إلزامياً في المرحلة
الابتدائية على الأقل"، لم يصدر اي مرسوم تطبيقي ملزم بهذا
الخصوص. علماً أن المطلوب ليس فقط مقعداً لكل تلميذ بل الجودة
والنوعية في التعليم والالتزام بشرعة الأمم المتحدة والإعلان
العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية والعربية المتعددة
المتعلقة بشؤون التعليم.
·
هناك تفاوتات في الانجازات
التعليمية، لا سيما بين قطاعي التعليم الرسمي والخاص، حيث ترتفع
نسبة الطلاب في التعليم الخاص : 2, 33 % في التعليم الرسمي – 9, 13
% في التعليم الخاص المجاني – 9, 52 % في التعليم الخاص غير
المجاني. وتجدر الإشارة إلى أن الثانويات الرسمية تتميز بالتطور
والتقدم ونسبة كبيرة من النجاح في الامتحانات الرسمية. أما بالنسبة
لمرحلة التعليم الأساسي، فما زالت هناك تفاوتات في نسب الالتحاق
المدرسي والرسوب والترسب والنجاح بين المناطق وبين الفئات
الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك بين تلامذة التعليم الرسمي والتعليم
الخاص.
·
بالنسبة للجامعة الوطنية،
وبالرغم من وجود العديد من الجامعات والمعاهد الخاصة، فإن هذه
الجامعة تضم نحو 45% من إجمالي عدد الطلاب اللبنانيين. بيد أنها
تعاني سلسلة من الإشكالات خاصة من ناحية إنشاء فروع متعددة لها
لتلبية المطالب المناطقية والطائفية الموجودة لدى مختلف المجموعات،
وبسبب غلبة عدد الاختصاصات النظرية التي لا تتفق وحاجات السوق من
جهة أخرى.
·
لقد اعتمد لبنان في العام 1994
"خطة النهوض التربوي"، التي تلاها في العامين 1996 و
1997 إطلاق الهيكلية التنظيمية وآلية التطبيق. لم يتم تطبيق هذه
الخطة بالكامل حتى الآن، علماً انها تشكل قاعدة أساسية لتطوير
التعليم وتعزيزه. وفي العام 2007، وضعت "استراتيجية وطنية
للتعليم" تهدف إلى ضمان نوعية جيدة للتعليم وتسهم – إذا طبقت –
في بناء مجتمع معلومات وتكامل اجتماعي وتنمية اقتصادية. غير أن
الواقع – خاصة الخلافات والنزاعات – قد أدى إلى تصعيب تنفيذ هذه
الاستراتيجية وتأخيره.
II-
ذوو الاحتياجات الخاصة
لوحظ ارتفاع نسبة
الأمية 2, 38 % وانخفاض نسبة إكمال الدراسة الثانوية والجامعية في
أوساط ذوي الاحتياجات الخاصة. ويعود ذلك بصورة اساسية إلى الصعوبة
في عملية دمج المعوق في المدارس العامة. لقد شرع لبنان في العام
2000 القانون 220، الذي يحمي حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ويسمح
بإدماجهم في الحياة العامة. غير أن ذلك لم يتم تطبيقه حتى الآن،
وهو يتطلب توفير مقومات أساسية لتتمكن هذه الفئات من تلقي العلم
وتأمين العمل كالجميع ضمن بيئة ملائمة.
III-
واقع النظام الصحي
الصحة حق، وليست
خدمة أو صدقة. هذا ما نصت عليه الاتفاقيات والمعاهدات والعهود
الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي
تتناول الوصول المتكافئ إلى الغذاء وتحسين الصحة. تطال أزمة النظام
الصحي مختلف جوانب المسألة الصحية بشقيها العلاجي والوقائي. وأبرز
المشاكل في هذا المجال :
- ارتفاع كلفة
الفاتورة الصحية إلى 12 % من الناتج المحلي مقابل مردود ضعيف
وإنتاجية متدنية (وفق مؤشر منظمة الصحة العالمية، ترتفع كلفة هذه
الفاتورة إلى 8, 8 %).
-
54
% من اللبنانيين غير مضمونين.
-
ارتفاع كلفة الاستشفاء في القطاع
الخاص الذي يتحكم بسوق تقديم هذه الخدمة.
-
ارتفاع اسعار الأدوية عن واقع السعر
في بلد المنشأ بنسب تراوح 33 % إلى 43 %.
-
الهدر والفساد الناتجان عن ضعف
الرقابة والمحاسبة.
-
قيام جهات سياسية وطائفية متعددة
بتوفير بعض الخدمات الصحية من خلال قنواتها، حيث تقدم إلى قواعدها
مساعدات توسع رقعة المحسوبية لهذه الأطراف.
-
بالرغم من تعدد البرامج التابعة
للدولة (تعاونية موظفي الدولة – الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي-
إضافة إلى بعض المساهمات من وزارة الصحة)، لم تتوجه الحكومة إلى
توسيع مساهماتها في فاتورة الرعاية الصحية الاجمالية، وهناك
تفاوتات في معايير المنافع.
-
الإشارة إلى إشكالية النظم التقاعدية
بين مختلف الأطر وبين القطاعين العام والخاص.
IV-
السكن
في الوقت الذي
انخفضت فيه اسعار العقارات في العالم انخفاضاً كبيراً، خاصة في
الدول التي تاثرت بالأزمة المالية العالمية، يعاني اللبنانيون-
وبخاصة العناصر الشابة - من أزمة حادة في تأمين السكن، حيث نشهد
ارتفاعاً خيالياً في ثمن العقارات وبدل الإيجارات. وهذا الارتفاع
في أسعار العقارات في لبنان الذي لا نرى له أسباباً وحيثيات تبرره
يشكل عاملاًً أساسياً أعاق ويعيق إمكانية إقدام الشباب على الزواج
وبناء أسرة وله تأثير سلبي على الاستقرار الاجتماعي.
أيتها
الصديقات والأصدقاء،
إن ما أوردناه
يشمل المواطنين كافة. لكن لا بد من التوقف بإيجاز أمام واقع المرأة
اللبنانية وموقعها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي :
V-
واقع المرأة اللبنانية
·
لقد أحرز لبنان تقدماً كبيراً في
التوازن الجنساني في التعليم. فالفجوة الجنسانية التي كانت ماثلة
للعيان في السبعينات ردمت تقريباً، وجرى تخطيها لصالح الإناث في
مختلف المراحل التعليمية. كما تراجعت نسبة الأمية الأنثوية من 16 %
إلى 4, 12 % في دراسة "الأحوال المعيشية للأسر العام 2007". وإذا
استعرضنا نسبة الإناث الملتحقات بالتعليم (بناء على آخر نشرة
إحصائية صادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء للعام الدراسي
2007 - 2008)، نرى ما يلي:
|
إناث |
ذكور |
التعليم الرسمي |
3, 54
% |
7, 45
% |
التعليم الخاص المجاني |
48 % |
52 % |
التعليم الخاص غير المجاني |
3, 48
% |
7, 51
% |
وحسب مراحل
التعليم، يمكن الإشارة إلى نسبة التحاق الإناث في كل مرحلة
من مراحل التعليم :
|
مرحلة الروضة - ما قبل الابتدائية |
التعليم الأساسي : حلقة أولى + حلقة ثانية – مرحلة
ابتدائية |
التعليم الأساسي: حلقة ثالثة – مرحلة متوسطة |
المرحلة الثانوية |
التعليم الرسمي
|
14, 50
% |
90, 49
% |
85, 57
% |
69, 61
% |
التعليم الخاص المجاني |
78, 47
% |
90, 49
% |
----------- |
----------- |
التعليم الخاص غير المجاني |
24, 48
% |
49, 47
% |
37, 52
% |
88, 55
% |
·
إن هذه المستويات المرتفعة لنسبة
تعليم الإناث لا تترجم بمشاركة انثوية أعلى في القوة العاملة. ذلك
أن 7, 24 % فقط من الإناث يعملن ( 15 سنة وما فوق)، بينما تبلغ
نسبة الذكور من القوى العاملة 3, 73 % (إحصاء العام 2008)، علماً
أن إدارة الإحصاء المركزي كانت قد أشارت في العام 2007 إلى نسبة 21
% من الإناث و67 % من الذكور في القوى العاملة. إن 91, 25 % من
النساء يعملن في قطاع التعليم، و 5, 7% منهن في قطاع الصحة والعمل
الاجتماعي. و8, 32 % منهن يعملن في قطاعات : التجارة – الصناعة –
الخدمات وفي المهن الانتاجية الوسطى والصغيرة. أما بالنسبة إلى
المرأة الريفية التي تشكل قوة عمالة أساسية في قطاع الزراعة،
فنراها تعاني تهميشاً أكبر، ولا يعترف بقيمة عملها ولا تستفيد من
قانون العمل والتقديمات الاجتماعية.
·
لقد بلغت نسبة البطالة بين النساء
الفقيرات 6, 26 % مقابل نسبة 2, 8 % بين الإناث الأفضل حالاً. أي
أن نسبة البطالة في أوساط الإناث الأفضل حالاً أدنى من المعدل
الوطني للبطالة الأنثوية التي تبلغ 4, 9 % . إن النساء يشكلن نسبة
53 % من مجموع المواطنين، ورغم التوسع الأفقي للمراة اللبنانية في
عملية الإنتاج، إلا أنه لم ينعكس إيجاباً بشكل كاف على موقعها في
مكان العمل أو على مشاركتها الفعلية في مواقع صنع القرار. حيث توجد
أربع نساء فقط من أصل 128 في المجلس النيابي، ووزيرتان من أصل 30
في مجلس الوزراء (وهذا ما ورد في الجلسة الأولى). ولا نملك حتى
الآن إحصاءً دقيقاً عن نسبة وجود المرأة في المجالس البلدية
والاختيارية الجديدة. ورغم وجود بعض النساء في مراتب الفئة الأولى،
إلا أن نسبتهن تبقى ضئيلة جداً. وإذا استعرضنا ارتفاع نسبة
الموظفات في القطاع المصرفي الذي وصل إلى 1, 44 % من مجموع
العاملين في هذا القطاع، نرى أن حصة الذكور تطغى على الرتب
الإدارية العالية، في حين يتركز العنصر النسائي على الرتب المتوسطة
أو العادية :(1, 72 % من الإداريين في المراتب العليا من الذكور
مقابل 9, 27 % من الإناث). كما نلاحظ ضآلة أو انعدام وجود المرأة
في مواقع القرار القيادية في المؤسسات العامة والخاصة، كما في
الهيئات القيادية للأحزاب السياسية والاتحادات النقابية والعمالية.
ويمكن الإشارة إلى موقع المرأة في : الاتحاد العمالي العام
( غياب المرأة العاملة عن مكتبه التنفيذي)– رابطة أساتذة
التعليم الثانوي( امرأتان من أصل 18) – رابطة المعلمين
الابتدائيين في بيروت ( أمرأتان من أصل 15 وغياب المرأة عن
روابط المعلمين الابتدائيين في بقية المناطق) – رابطة الأساتذة
المتفرغين في الجامعة اللبنانية (غياب المرأة عنها )–
نقابة المحامين في بيروت (امرأة واحدة من أصل 12) نقابة
أطباء الأسنان (امرأة واحدة من أصل 12 )– نقابة
الصحافة ( امرأة واحدة من أصل 17) وتغيب النساء عن
نقابة أطباء بيروت ونقابة مهندسي بيروت ونقابة الصيادلة.
·
رغم أن الدستور اللبناني لا يميز بين
المواطنين على أساس الجنس، لكن هناك قوانين تميز بين المرأة
والرجل. وبعد إبرام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد
المرأة (سيداو)، أعدت لجنة حقوق المرأة اللبنانية
دراسة مقارنة بين القوانين اللبنانية ومواد الاتفاقية التي لم
يتحفظ عليها لبنان، وقدمت ملف "مساواة في الحقوق والواجبات".
كما أطلقت "اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة"
الذي يضم مختلف قطاعات المجتمع اللبناني (نساءً ورجالاً). وتمكننا
من تعديل عدد من القوانين : قانون العمل – نظام التقاعد والصرف من
الخدمة – نظام المنافع والخدمات في تعاونية موظفي الدولة – المادة
14 في قانون الضمان الاجتماعي. وما زلنا نتابع العمل من أجل إلغاء
التمييز وإقرار المساواة بين المرأة والرجل في قوانين : التعويض
العائلي – التنزيل الضريبي – قانون العقوبات – ما تبقى من مواد
مجحفة بحق المرأة في قانون الضمان الاجتماعي. كما نعمل من أجل
تمديد إجازة الأمومة وتوحيدها بين القطاعين العام والخاص. وتأتي في
سلم الأولويات قضية وطنية بامتياز، أعني بها حق المرأة اللبنانية
المتزوجة من غير لبناني بإعطاء الجنسية لأولادها، وقد أطلقنا لهذه
الغاية الحملة الوطنية من أجل المساواة بين الجنسين في حق إعطاء
الجنسية وشعارها : " لأنهم أولادي، جنسيتي حق لهم".
ونتابع هذه الحملة بأشكال متعددة. كما نعمل من أجل رفع التحفظات عن
اتفاقية سيداو خاصة البند 2 من المادة 9 المتعلقة بمنح المرأة حقاً
مساوياً للرجل في إعطاء الجنسية لأولادها إذا كانت متزوجة من
أجنبي، وكذلك رفع التحفظ عن المادة 16 المتعلقة بالمساواة بين
الجنسين في العلاقات الأسرية وقوانين الأحوال الشخصية (والكل يعلم
أن 15 قانوناً للأحوال الشخصية سارية المفعول على الأراضي
اللبنانية، وقد ورد هذا الموضوع بالتفصيل في الجلسة الثانية من
أعمال هذا المؤتمر).
VI-
مؤسسات المجتمع المدني
يوجد في لبنان
مجتمع مدني نشيط ، وبخاصة المنظمات غير الحكومية
ONG . وهي تقوم بدور
فاعل على مختلف الصعد. وفي مراحل صعبة ودقيقة، قامت مقام المؤسسات
الرسمية التي قصرت في مهامها المطلوبة في تلك الظروف، خاصة خلال
فترة الحرب والعدوان الإسرائيلي وتداعياتهما. فقد قدمت هذه
المنظمات خدمات اجتماعية وأمنت احتياجات أساسية، كما أسهمت بشكل
فعال بمعالجة قضايا وطنية واجتماعية عامة. إلا أن هذه المؤسسات
بحاجة ملحة إلى التنسيق فيما بينها والتعاون لما فيه مصلحة الوطن
والمواطن.
استنتاجات
وتوصيات
·
انطلاقاً مما أوجزناه في هذه
المداخلة، وتأكيداً على أن العاملين الاجتماعي والاقتصادي مترابطان
ترابطاً وثيقاً، واستناداً إلى الفقرة ح من مقدمة الدستور
التي تنص على :" العمل على تحقيق عدالة اجتماعية شاملة
من خلال الإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي "، يمكننا
اقتراح التوصيات التالية :
على الصعيد
الاقتصادي
·
إجراء تحول نوعي في وظيفة الدولة
الاقتصادية باتجاه تعزيز الاقتصاد الوطني عبر تطوير القطاعات
المنتجة في الصناعة الوطنية والزراعة والتربية والتعليم وسائر فروع
الإنتاج الجديدة في التكنولوجيا والاتصالات والمعلوماتية. وهذا
يتطلب وضع رؤية لآلية عمل تؤمن حل مشكلة الدين العام وتمهد لانتقال
اقتصاد لبنان الريعي إلى اقتصاد إنتاجي ينهض بالبلد ويضع سياسة
لمعالجة جذرية للأزمة الاقتصادية الحادة، ويرسخ الدعائم الأساسية
لاقتصاد وطني سليم يرتقي بالوطن ويضمن كرامة المواطن.
·
بلورة نموذج للتنمية الاقتصادية ذي
قاعدة إنتاجية عريضة يحفظ استقلال القرار ويحرره من سيطرة مجموعات
محصنة بعدد من السياسيين وأمراء الطوائف.
·
إعادة تصحيح السياستين النقدية
والمالية، وتعزيز المحاسبة والمساءلة وأجهزة الرقابة وديوان
المحاسبة وهيئة التفتيش المركزي والمجلس الدستوري. وإجراء إصلاح
إداري ومحاسبة المسؤولين عن الهدر والفساد.
·
اعتماد الضريبة التصاعدية وتخفيض
الضرائب غير المباشرة بدل زيادتها، كالضريبة على القيمة المضافة.
·
إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي
وإعطاؤه صلاحيات تقريرية.
- اعتماد سياسة
الانماء المتوازن.
- وضع وتنفيذ
سياسات ناشطة لسوق العمل لتنمية عمالة أكثر استدامة. وهذا يتطلب
دراسة احتياجات سوق العمل وتوجيه الاختصاصات العلمية المهنية
والأكاديمية على أساسها. مما يساعد على وضع حد لأزمة البطالة والحد
من الهجرة، خاصة في صفوف العناصر الشابة.
·
وضع آلية فعالة لمقاربة الحاجات
الأساسية وقياس الفقر بشكل دوري ومنتظم واعتماد سياسات تساهم في
الحد منه.
على الصعيد
الاجتماعي
·
الحفاظ على دولة الرعاية الاجتماعية
وإعادة رسم سياسات التوزيع باتجاه تحقيق قدر اكبر من التوازن بين
الرواتب والأجور والتقديمات الاجتماعية وبين تكاليف غلاء المعيشة و
اعتماد أنظمة تستند إلى شبكات أمان وحماية اجتماعية تطال الشرائح
الأكثر تضرراً من تردي أحوال المعيشة.
·
تحسين نوعية التعليم الرسمي وجودته
عبر :
-
تطبيق إلزامية التعليم الرسمي
ومجانيته واعتماده حتى سن 15 (مرحلة التعليم الأساسي)، ومنع تشغيل
الأحداث دون عمر 16 سنة (تعديل قانون عمالة الأحداث).
-
توحيد سن الالتحاق بمرحلة الروضة بين
التعليم الرسمي والتعليم الخاص (3 سنوات).
-
تقييم المناهج التربوية في ضوء
تطبيقها لتخفيض نسبة التسرب والرسوب والتأخر المدرسي. وأود التركيز
على ضرورة الإسراع بتوحيد كتابي التاريخ والتربية الوطنية في
المناهج التربوية، وفرضهما على المدارس الرسمية والخاصة على حد
سواء.
-
تطبيق خطة النهوض التربوي
المقرة العام 1994، والاستراتيجية الوطنية للتعليم.
-
تحسين أوضاع الأساتذة والمعلمين
تربوياً ومعنوياً ومادياً، وهذه حقوق مكتسبة لهم.
-
دعم الجامعة اللبنانية وتعزيز دورها
كونها الجامعة الوطنية، وذلك من خلال تخصيص ميزانيات أكبر لتطوير
البنى التحتية لها، وتأمين التجهيزات اللازمة للعملية التعليمية
وللبحث العلمي، واستحداث مكتب للتنمية الجامعية يقوم بالتقييم
المستمر لحاجات الجامعة وربطها بحاجات المجتمع وما هو ملائم
لمأسسته تربوياً.
-
تعميم وتفعيل المجالس والاتحادات
الطلابية في القطاعين الرسمي والخاص. وهذا يتطلب إصدار قوانين
ترعى عمل هذه المجالس والاتحادات وتضمن حق الطلاب بالمشاركة فيها،
كما في كل القرارات الإدارية والاكاديمية في المؤسسات التعليمية.
·
إعطاء حق التنظيم النقابي لموظفي
القطاع العام.
·
إنقاذ الضمان الاجتماعي من الخطر
الذي يهدده ويكاد يطيح بمفهوم التكافل الاجتماعي الذي أنشئ على
أساسه، ومتابعة العمل من أجل :
- توسيع نطاق
تطبيق قانوني العمل والضمان الاجتماعي ليشملا فئات العمال
الزراعيين وصغار الحرفيين والخدم في المنازل. واستحداث مراسيم
تطبيقية للمساءلة والمحاسبة.
- التأكيد على
حق العاملين في القطاع الخاص والأجراء بنظام للتقاعد، وتوحيد أنظمة
التقاعد في لبنان، وإقرار قانون ضمان الشيخوخة.
·
اعتماد رؤية شاملة وخطة عامة لمواجهة
مختلف جوانب الأزمة الصحية عبر :
- تأمين حق
المواطن في الضمان الصحي كأحد حقوق الإنسان الرئيسية وإقرار
البطاقة الصحية لمنع ازدواجية الإفادة.
- وجوب انتقال
الدولة إلى دور الشريك والمنتج في تقديم الخدمات الصحية
والاستشفائية.
·
إقرار خطة سكنية تقوم على إنشاء
صندوق للتكافل الاجتماعي يتولى – عبر المؤسسة العامة للإسكان –
تأمين السكن، ورفض تحرير عقود الايجارات القديمة قبل إقرار الخطة
السكنية المطلوبة.
·
تعزيز الحركة النقابية وإرساء وحدتها
على أسس سليمة. واتخاذ جميع التدابير العملية والقانونية لصيانة
استقلاليتها. وتشجيع العمل النقابي والعمل على تحفيز العناصر
الشابة (إناثاً وذكوراً) للانخراط فيه، ومساعدتهم للوصول إلى مواقع
القرار في الاتحادات النقابية والعمالية.
·
متابعة العمل من أجل تعديل القوانين
التي ما تزال تميز ضد المرأة وذلك انسجاماً مع الدستور اللبناني
ومع اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو) ورفع التحفظات
عن هذه الاتفافية (المادة 16 والبند 2 من المادة 9)، اضافة إلى
تعديل قوانين : التعويض العائلي – الضمان الاجتماعي –العقوبات
–الضريبة – وغيرها من القوانين المجحفة بحق المرأة. وبشكل ملح
تعديل قانون الجنسية لتتمكن المرأة اللبنانية من إعطاء الجنسية
لأولادها إذا كانت متزوجة من غير لبناني، إسوة بالرجل. والدعوة إلى
التنسيق مع مختلف القوى والفعاليات من أجل ضرورة تغيير جذري في
الذهنية والصورة النمطية المعطاة عن المرأة والرجل، وهذا يتطلب
تغييراً في المناهج التربوية ووسائل الإعلام وإطلاق حملات توعية
اجتماعية تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة كمواطن وكعنصر أساسي
للتنمية.
·
استكمال إصدار مراسيم تطبيقية متعلقة
بالقانون 220/2000 الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، وادماجهم في
الإدارة العامة والتشدد بتطبيق هذا القانون خاصة في ميداني التعليم
والعمل.
·
إنشاء وزارة التخطيط والتصميم التي
يعهد إليها إعداد ووضع دراسات لمشاريع تتعلق بالتجهيز والإنماء
والتنمية، والعمل على تنفيذها بالتنسيق مع مختلف إدارات الدولة
ومؤسساتها العامة في إطار سياسة عنوانها "التوازن التنموي
المناطقي العادل".
أيتها
الصديقات والأصدقاء،
أيتها الزميلات،
انطلاقاً
مما تقدم،
يمكننا استخلاص ما يلي :
·
إن تشابك الأدوار بين السلطة
والمؤسسة الطائفية في إنتاج وتوزيع الخدمات العامة يؤكد على تقاطع
مصالح الطبقة المسيطرة اقتصادياً و "أعيان الطوائف"، ويحد
من تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي التي ترعاها الدولة.
·
إن تداخل وتكامل العلاقات بين
السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يمكن أن
يدعما الانتاجية
الاقتصادية ويحققا التنمية البشرية الشاملة. ولتحقيق ما نصبو إليه،
ندعو إلى ضرورة تشكيل تيار ضاغط يضم مختلف القوى والفعاليات
العاملة من أجل بناء مواطنة تحرر الجماهير من علاقات التبعية
العامودية للمؤسسة الطائفية وتركز على كرامة المواطن وحقوقه
الاجتماعية. وفي هذا الإطار، تشكل المساواة والعدالة الاجتماعية
عنصراً مكوناً أساسياً من عناصر المواطنة الكاملة، كما أن المواطنة
القائمة على ترسيخ الانتماء للوطن يمكنها أن تتعزز في دولة مدنية
علمانية وديمقراطية (وهذا ما أكدت عليه الجلسة الأولى في
توصياتها).
شكراً لإصغائكم
عزة الحر مروة
المراجع
- الدراسة
الوطنية للأحوال المعيشية للأسر (2006 )
UNDP – وزارة الشؤون الاجتماعية – إدارة
الإحصاء المركزي.
- تقرير إدارة
الاحصاء المركزي – 2007.
- النشرة
الاحصائية للعام الدراسي 2007 – 2008، الصادرة عن المركز التربوي
للبحوث والإنماء.
- الأهداف
الانمائية للألفية - تقرير لبنان 2008، برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي – UNDP
–.
- ورقة عمل قدمها
الدكتور كمال حمدان في الفصل الرابع من التقرير الوطني للتنمية
البشرية في لبنان ( 2008 – 2009)– UNDP
.
- الأدوار
الاجتماعية للمرأة العاملة في كل من الأردن وسوريا ولبنان – الهيئة
الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.
- التقرير الرسمي
الثالث حول اتفاقية سيداو.
- وثيقة الأزمة
الاقتصادية - الاجتماعية المقدمة في المؤتمر الوطني العاشر للحزب
الشيوعي اللبناني – شباط 2009.
- دور الغرف
التجارية والهيئات الاقتصادية في تمكين المرأة – غرفة التجارة
والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان.
- وثائق اللقاء
الحواري الذي نظمته لجنة حقوق المرأة اللبنانية مع معالي د. جورج
قرم 23/7/2009، تحت عنوان " اقتصاد لبنان الريعي ومدى تأثره
بالأزمة المالية العالمية : نحو انتقاله إلى اقتصاد انتاجي ".
- وثائق مؤتمرات
لجنة حقوق المرأة اللبنانية ومحاضرات قدمتها اللجنة حول المحور
الاقتصادي والاجتماعي.
ساس أتتتببل بل
ا لمواطنة و
دولة الطوائف
الجلسة الرابعة
المواطنة و
الإعلام
تقديم أمل الصفدي
المؤتمر
السابع عشر للجنة حقوق المرأة اللبنانية
بيروت -
قصر الأونسكو
28 و 29
أيار ، 2010
يشهد
عالمنا المعاصر منذ تسعينات القرن الماضي ثورات على جميع الأصعدة
أسهمت في تغيير مفاهيم عديدة خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات
و الإتصالات ،من حيث كونها محورا هاما في عملية التنمية بشكل عام .
وقد تطورت علاقة
الإتصالات بين المجتمعات مع تطور وسائل الإتصال التي تربط بين
الأفراد و الجماعات ، و يشهد التاريخ ان الإتصال كان دوما وراء كل
وفاق أو صراع ، فكلاهما كما ورد في ميثاق منظمة الأمم المتحدة
للتربية و العلوم و الثقافة " الأونسكو" ، ينشأ في عقول البشرو
منها يتوقف .
وإذا نظرنا الى
دلالات الواقع الثقافي المعلوماتي عالميا نرى ان الفكر الثقافي
المعاصر يتناول الفروع المختلفة لمنظومة الثقافة أي : ثقافة اللغات
،ثقافة التربية ،ثقافة الإعلام ،ثقافة الفنون و الإبداع و ثقافة
القيم و المعتقدات .
و نتيجة التقدم
الهائل الذي حدث في وسائل الإتصال و طغيان الوسيط الألكتروني في
هذا المجال فقد أدى ذلك الى تغيرات أساسية في أحد فروع الثقافة
وجعلت منه محورا أساسيا في المجتمعات من أكبر القضايا الى أبسطها ،
و تعاظم دوره حتى طال تغيير الثقافات ، انه: الإعلام
لقد طغى الإعلام
بوسائله الألكترونية الحديثة على الثقافة فأطلقوا عليه" ثقافة
الميديا" أو" ثقافة التكنولوجيا "، و بات من أكبر الصناعات و مازال
يصنف كجزء أساسي من منظومة الثقافة العالمية .
و هنا لا بد من
ذكر العوامل الرئيسية التي اسست لثورة الإعلام و الإتصالات وخاصة
من النواحي التقنية و الإقتصادية و السياسية منها:
-التقدم الهائل و
السريع في تكنولوجيا الكمبيوتر الذي أدى الى بروز شبكة الأنترنت
التي ضمت وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة و انعكس ذلك
أيضا على العلاقات بين من ينتج الرسالة الأعلامية ومن يتلقى هذه
الرسالة و ألغيت المسافات و الحواجز بينهما .
- عولمة الإقتصاد
في خضم النظام العالمي الجديد و ما يتطلب ذلك من سرعة تدفق
المعلومات المختلفة من حيث كونها سلعة بحد ذاتها ،و يقول الخبراء
ان عولمة نظم الإعلام هي وسيلة القوى الإقتصادية لعولمة الأسواق و
تنمية النزعات الإستهلاكية ووسيلة سريعة لتوزيع سلع تتعلق بصناعة
الثقافة :كالموسيقى و الأفلام و الألعاب و البرامج التلفزيزنية و
غيرها...
- تعاظم إستخدام
وسائل الإعلام من قبل القوى السياسية بهدف سيطرتها على سير الأمور
وإستقرار موازين القوى في عالم يشهد صراعات و تناقضات لا تحصى .
هذه العوامل طغت
و تفاقمت لتجعل من الإعلام الحديث قضية معقدة و ساحة تنافسية
عالميا و إقليميا و محليا أيضا .
دور وسائل
الإعلام المرئية الحديثة في تشكيل الوعي و المعرفة لدى جيل الشباب
و
التأثيرات الإيجابية و السلبية:
من الطبيعي ان
يتفاعل الإنسان مع عصره في مسائل عديدة ، وكيف اذاكانت المستجدات
تقنية تتعلق بوسائل الإعلام الحديثة و التي تتمثل بأعداد من
الفضائيات الغربية و العربية و بشبكة الأنترنت التي سميت الشبكة
العجيبة نظرا لسعة وظائفها و قدراتها ، حيث بات المشاهد او المتصفح
لهذه الوسائل يكتشف المعرفة و التناقضات في آن من خلال علاقته
بنفسه و علاقته بمحيطه و مرجعياته المختلفة .
اذن دور وسائل
الإعلام اساسي في حياة المجتمعات المتقدمة و دور مفصلي في حياة
المجتمعات التي تشهد تحولات إجتماعية و سياسية مختلفة حيث تجد
نفسها وسط متغيرات فتسعى للتأقلمو التفاعل معها و خاصة الفضائيات
التي تطال جميع الفئات العمرية بعكس شبكة الأنترنت التي تطلب
إلماما تكنولوجيا و لغويا و التي تجذب الجيل الشاب .
و الفضائيات تبث
آراء و معارف مختلفة : سياسية ،إخبارية، ترفيهية، خاصة بالأطفال
،دينية أو رسمية كانت في ما مضى أرضية تحولت الى فضائيات .
و معلوم ان
الفضائيات في متناول الجميع لرخص بدلات إلتقاطها من جهة و لفقدان
الرقابة عليها كذلك في الأنترنت . و تتوزع التأثيرات نتيجة هذه
الثورة الإعلامية بين السلبية و الإيجابية.
ومن
الإيجابيات:
سرعة الحصول على
الأخبار و تقريب المسافات محليا و عالميا
اهمية نشر الآراء
الخاصة و الأفكار و الأبحاث والعلوم والتاريخ الوثائقي و تغطية
الأحداث و الإضاءة على الأزمات المختلفة
البث بلغات
مختلفة و الإطلاع على صور المجتمعات المختلفة
و من السلبيات
:
سيطرة وسائل
الإعلام على حواس السمع و البصر و تسطيح التفكير
التشابه بين
الفضائيات و التقليد و نشر ثقافة الإستهلاك و تقليد البراكج
الغربية وفقر الإنتاج المحلي الذي يسهم في تأمين فرص العمل
للخريجين
نشر ثقافة العنف
من خلال بعض المواد في الأفلام الموجهة للأطفال او المراهقين و
تشويه افكارهم ( تقريرمن منظمة اليونسيف يشير الى ان الأحداث
المطورتين اكتسبوا العنف من برامج معينة )
ابراز صور النساء
بشكل سلع في برامج عديدة و ندرة ابراز صورة المرأة المنتجة كجزء من
عملية التنمية
سيطرة الدول
الكبرى على وسائل إعلامية و إبراز ادوار سياسية و عسكرية
الإصابة بمرض
الدش ( الستالايت ) حسب الجمعية الطبية العالمية و التغيير الحاصل
في عادات و سلوكيات المصاب
الإنقطاع و
التواصل بين أفراد الأٍسر نتيجة الإسراف في إستخدام الإنترنت و
الفضائيات وأمام هذه الثورة المعلوماتية التي طالت يومياتنا و
التصقت بتفاصيل حياتنا ، و في معرض طرحنا و توجهنا و مسؤليتنا
الوطنية ، كمنظمة نسائية أهلية ديمقراطية تعمل منذ عقود من أجل
التغير نحو الأفضل مستندة الى الإتفاقيات الدولية التي تضمن حق كل
مواطن ، لا بد لنا من العودة من جولتنا العامة الى مجالنا الخاص و
طرح عدة نقاط تتناول الإعلام في لبنان و انطلاقا من حقنا في النقد
و المشاركة في إقتراح .
المشهد
الإعلامي في لبنان منذ ما قبل الحرب الأهلية و حتى اليوم :
لقد نشأت في
لبنان منذ تأسيسه صحافة مكتوبة عاصرت الأزمات و تبنت قضايا محلية
وطنية و قضايا عربية و عالمية ،وتميز بعضها بأدوار ثورية و تغييرية
وطرحت القضايا الساخنة و لقبت السلطة الرابعة .
و مع إندلاع
الحرب الأهلية العام 1975 لم يكن عدد وسائل الإعلام المرئية و
المسموعة ليتعدى أصابع اليد الواحدة على عكس ا لصحف و النشرات و
المجلات
واقتصر الإعلام
المرئي على المحطات الرسمية التي لم تكن تغطي كل أجزاء الوطن و
التي كانت بمجملها تؤدي دورها بين زخات الرصاص و القنابل .
تلك الحرب نفسها
أفرزت محطات تلفزة وإذاعات تظهر توجهات القوى المتصارعة انذاك و
دام نشاطها حتى صدور قانون الإعلام العام 1994 حيث أغلقت وسائل
إعلام عدة و شرعت الأبواب أمام تأسيس وسائل إعلامية أخرى جاءت
توزيعا وحصصا على الزعامات السياسية و الطائفية (7 محطات فضائية،8
محطات أرضية ،30 إذاعة ) . وازدهر أيضا الإعلان و نشأت الوكالات و
بات الهواء يثمن بأغلى الأثمان ، و بات التنافس سيد الموقف في هذا
المجال .
و أمام هذا
الواقع الجديد ،لابد من الإشارة الى ان صناعة الإعلام راجت و كذلك
الإعلان و ضمت المؤسسات الإعلامية آلاف من ذوات المهارات المختلفة
التي تتطلبها هذه الصناعة المزدهرة ، وآثرت الفتيات من الجيل
الجديد في السنوات العشر الأخيرة الأنتساب الى كليات الإعلام بشكل
لافت حيث بلغت نسبة الفتيات فيها 80 % من مجموع عدد الطلاب .
ورصدت التقارير
موقع المرأة في المؤسسات الإعلامية المختلفة و بينت ان :
النسبة الإجمالية
لأعداد الإعلاميات تراوحت بين 28.4 و30 % و تفاوتت النسب بين مؤسسة
إعلامية و أخرى . و بلغ عدد العاملات في المطبوعات السياسية 68.
26 %
ووصلت نسبة
النساء في مجال التسويق و الترويج الإعلامي 80% و في مجال
التقنيات جاءت النسبة 1.75 % . و كثر وجود النساء في أقسام
الآرشيف و السكرتارية و العلاقات العامة و التقديم و الترويج . و
غابت النساء عن السياسات الإعلانية و بقيت صورتهن فقط في الإعلانات
كمادة إعلانية أساسية لصناعة هذه المادة يمتلكها القطاع التجاري .
شاركت المرأة
إذن في صناعة و تطوير القطاع الإعلامي دون أن يساعد ذلك في تغيير
صورتها السلبية ، و لم يعزز طرح قضية حقوق المرأة كقضية وطنية و
تتجلى هذه السلبية في :
التعتيم الإعلامي
على دور النساء الرائدات و غياب إبراز الدور التنموي للمرأة وإبعاد
النساء الكفوءات عن جلسات الحوار السياسية و الإقتصادية و
الإجتماعية و إستخدام مساحات شاسعة من الفضائيات و الأرضيات التي
تخاطب الأجيال الشابة من النساء إنطلاقا من مستلزمات التجميل و
الأزياء و الرشاقة و الإثارة و الطبخ و الأبراج الفلكية ، أي بمعنى
آخر الإستهلاك المنظم لجسد المرأة و تستطيح عقلها مما يصرف النظر
عن القضايا المهمة التي تطال الفكر .
و نحن كمنظمة
أهلية تتفاعل مع حركة المجتمع لا ننكر دور الإعلام الإيجابي في
الإضاءة على قضايا عديدة هامة و لا التفاني و تحمل المخاطر في
تغطية الأحداث و الحروب التي مرت والمحاولات الجادة لدى البعض بطرح
قضايا هامة جدا ،
و لكن نسجل له
أخطاء لجهة مسؤوليته في إدارة الأزمات الداخلية التي عصفت بلبنان
و خاصة في السنوات الأخيرة حيث وقع في تناقض بين الرسالة التي يمكن
ان يؤديها و بين مصالح السلطات و الزعامات السياسية ، بين قضايا
التنمية الإجتماعية و مطامع راس المال و أولوية الإعلام الترفيهي
التجاري التنافسي .
إن علاقة الإعلام
بالسياسة تقاربت لدرجة ان بعض رجال السياسة كادوا يصبحون نجوما
والإعلاميون أصبحوا نقادا و مصلحين و المواطنين اكتفوا فقط
بالمشاهدة الصامتة .
و نسجل هنا
الدور الذي لعبته وسائل إعلامية في تظهيرالخطاب السياسي الذي
فقد سقفه و فرض نفسه متجاوزا مبدأ حرية الإعلام ، علما انه لا حرية
من غير مسؤولية و حرية الإعلام هي مسؤولية وطنية و إخلاقية و مصلحة
الوطن و وحدة أبنائه يجب ان تبقى فوق كل إعتبار .
لقد فقد الإعلام
السيطرة لبعض الوقت وتحولت المنابر الى خطوط تماس بين صناع
القرارو المجموعات السياسية و في مجال إثارة النعرات الطائفية
البغيضة و التحريض المذهبي دون ان يعتبر صانعوه من دروس الحرب
الأهلية التي سبق و مزقت الوطن و شردت أبنائه وغيبتهم و هجرتهم
ودفعت من تبقى الى الهجرة .
إشكالية
الإعلام و تحقيق المواطنة و الإنتماء الوطني :
إذا انطلقنا من
أهمية وسائل الإعلام في تكوين المواقف و المفاهيم و تعزيز الإنتماء
الوطني و تعزيز مفهوم الجندر و علاقته بالتنمية و المشاركة و نشر
ثقافة حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة و حقوق الطفل وحقوق ذوات
الحاجات الخاصة و حقوق المسنيين لتصبح متلائمة مع التطور الثقافي ،
نجد إشكالية واضحة تتعلق بمسؤولية القطاع الإعلامي بشكل عام و خاصة
محطات التلفزة ، في مجال التخطيط و العمل لتحقيق المواطنة
باعتبارها الحقوق المتساوية بين الرجل و المرأة و المسيحي و المسلم
والغني و الفقير ، إشكالية تتعلق بعدم قدرتها على القيام بأدوار
تغييرية أساسية نذكر منها :
- تكوين
الفكراللبناني على أساس التفاهم على الشراكة و ليس على أساس
التعايش بين الأديان
و بعيدا عن
الطائفية التي جعلت التعامل بين الناس او عدمه ، يتم على أساس
الدين و المذهب و الظاهرة تفشت في المجتمع اللبناني و أخطرها في
المدارس و الجامعات التي باتت هي نفسها مفروزة على أساس طائفي لم
يسبق له مثيل .
- طرح المناهج
التربوية على مشرحة وإعادة النظر فيها وحث الوزارات المختصة على
مراقبة تلقينها و تطبيقها إنظلاقا من
تعزيز قيم
المواطنة و خلق برامج تربوية توجيهية كجزء لا يتجزأ من حقوق
الإنسان خاصة و ان وسائل الإعلام اليوم في العالم تضطلع بدور غير
مسبوق في مجال التاثير في التربية .
- انسنة الإعلام
قبل ان يكون غاية تجارية و مصدر إرتزاق و استثمار الإعلام لمصلحة
بناء الإنسان بعيدا عن التبعية و العصبية و احترام عقله بعد ان
شوهت مفاهيمه دولة الطوائف منذ تأسيس هذا الوطن و حتى الساعة .
الإعلام
اللبناني في أمس الحاجة الى رؤية جديدة تتطلب إدراك خطورة الرسائل
الإعلامية الموجهة الى الناشئة و التأسيس للوصول الى سياسات
إعلامية أكثر مسؤولية تسمح بالمشاركة و النقد و تأخذ بعين
الإعتبار الخطوات المسائل التالية :
-الإهتمام بتدريب
الفئات الشابة من الإعلاميين والإعلاميات حول مفاهيم المواطنة كجزء
من حقوق الإنسان
- تعزيز الإعلام
المحلي و خلق برامج مدروسة لإعادة الثقة للمشاهد و تعزيزا لثقافة
الإنتماء للوطن ضد كل ما يهدد الهوية و القيم و التراث
التفاعل الإعلامي
مع القضايا العامة و فتح الحوارمع مختلف الفئات المهمشة و ترك
مساحات لبرامج تهم النساء و الأطفال و خاصة الفئة العمرية بين 12 و
18 سنة ردم الهوة بين القطاع الإعلامي و مؤسسات المجتمع المدني و
إيلاء العمل التطوعي حيزا و الإضاءة على برامج عمله و أهدافه و عدم
الإكتفاء بالتغطية الخجولة و المعدومة أحيانا لأنشطته في وقت تفتح
المساحات على الهواء ومباشرة امام السياسيين و الطائفيين دون حدود
.
-
دعوة المثقفين للعب دورهم في نشر
ثقافة الموطنة و تحفيز الأقلام الشابة و فتح باب الحوار أمامها
-
التنسيق مع الوزارات و خلق برامج
تعليمية تسهم في الحد من العنف و التمييز بين الجنسين و العنصرية
-
تعزيز دور المرأة في وسائل الإعلام
وإشراكها في السياسات التقريرية .
اما مسؤوليتنا
نحن بالتعاون مع المنظمات الأهلية فهي في حث السلطات على إستنهاض
الإعلام الرسمي للقيام بالدور المطلوب منه تاسيسا لتحقيق المواطنة
وتأمين الإستقرار في المجتمع، ولتفعيل المجلس الوطني للإعلام
ودعوته للقيام بدوره الرقابي. و لا يعني اننا في معرض التقليل من
دور كل من الإعلام المرئي او المسموع او المقرؤ و لكن من موقع
المسؤلية الوطنية و التكامل على أرض الواقع .
ان ثقافة حقوق
الإنسان يجب ان تنطلق من دائرة الإعلام على الرغم من وجود العمل
المتواصل للتعريف بها كحقوق واجبات من خلال الخطاب الذي يطلقه
المجتمع المدني جاهدا و منذ عقود و الأمر يتطلب التنسيق و تكامل
الأدوار و توظيف الخطاب الإعلامي المسموع و المرئي و المكتوب و
بالتنسيق بين الوزارات المختصة كالثقافة و التربية و حثها على
استحداث المناهج الدراسية التربوية الفاعلة في مجال التثقيف على
مفاهيم حقوق الإنسان وليس فقط كمواد نجاح و هذا ضروري لتركيز
الوعي المبكر لدى الأطفال عن ماهية العلاقة بالوطن حتى و لو كان
المواطن أميا و في أقصى منطقة معزولة وصولا الى ممارسة كل مواطن
حقه في إطار مشروع و القيام بواجبه المطلوب حيث لا توجد الحرية
المطلقة و الا عمت الفوضى و مثالنا في ذلك كل ما يشهد الوطن من
أزمات معيشية نتيجة كل أشكال الفساد المستشري .
ان قطاع
الإعلام في لبنان على الرغم من إزدهاره وتعدد وسائله و تحليقه في
الفضاء ، مدعو الى مراجعة رسالته انطلاقا من المسؤولية الوطنية في
المحافظة على وحدة الشعب و عدم التمييز بين أفراده و الإبتعاد عن
كل ما يهدد الإستقرار و السلم الأهلي .
نعم لإعلام
لبناني حر، مسؤول، محايد ، متقدم ، يعلو صوته بالحق و العدالة فوق
صوت كل الطوائف .
التوصيات
الصادرة عن المؤتمر السابع عشر
1- في
موضوع المواطنة والدستور اللبناني
- إلغاء الطائفية
في النصوص والممارسة، وعلمنة مؤسسات الدولة وقوانينها.
- اعتماد
اللامركزية الإدارية وسياسة الانماء المتوازن في مختلف المناطق.
- استحداث قانون
انتخاب ديمقراطي لا طائفي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على
أساس التمثيل النسبي وخفض سن الاقتراع إلى سن 18.
- اعتماد حق
الحصة للمرأة (الكوتا)، مرحلياً ومؤقتاً ووضع اليات ديمقراطية
لتطبيقها.
- الالتزام
بتطبيق الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي وقع عليها
لبنان.
- اعتماد صيغة
الفصل بين السلطات، والحرص على استقلالية القضاء.
- صون الحريات
العامة وضمان حرية العمل الحزبي، ودعم أكبر لمؤسسات المجتمع المدني
العاملة من أجل تطوير المجتمع وبناء الدولة الحديثة.
وبهذه المناسبة،
لا بد من التطرق إلى ما يقلق الشعب اللبناني نتيجة تهديدات إسرائيل
وسياستها العدوانية المتواصلة. وفي هذا المجال، إذ نؤكد على
اعتزازنا بصمود الشعب اللبناني والتفافه حول جيشه الباسل ومقاومته،
ندعو إلى :
1)
متابعة مواجهة المخططات الأمريكية والصهيونية التي تستهدف وطننا
لبنان ومقاومة العدوان الإسرائيلي المتواصل، واستكمال النضال من
أجل إنجاز التحرير الكامل والدفاع عن سيادة الوطن وحريته وكرامته.
2)
مطالبة مجلس الأمن الدولي بـ :
أ-
الاحتكام إلى القرارات التي أصدرها وإلى تلك التي شدد عليها
القانون الدولي والإنساني الذي أكد على تجنيب المدنيين والنساء
والأطفال العمليات الحربية وحمايتهم وتأمين كل ما يلزم للإنسان.
ب-
إدانة جرائم المعتدي ومعاقبة القاتل والوقوف مع الضحية وليس العكس.
ج-
تطبيق القرارات الصادرة عنه وعن الجمعية العامة، والزام إسرائيل
بتنفيذها.
وهذا يستدعي :
·
تسليم خارطة للأماكن التي زرعت فيها
القنابل العنقودية.
·
الانسحاب من مزارع شبعا وتلال
كفرشوبا وبقية الأراضي اللبنانية التي ما زالت ترزح تحت الاحتلال
الإسرائيلي.
·
إطلاق سراح بقية الأسرى اللبنانيين
لدى إسرائيل، والكشف عن مصير المفقودين منذ العام 1975 وحتى اليوم.
د- إدانة إرهاب الدولة خاصة الجرائم اللانسانية للمحتل
الاسرائيلي.
هـ - الإقرار بحق الشعوب بمقاومة العدوان والحصار
والاحتلال والاعتقال.
2- في
موضوع المواطنة وقوانين الأحوال الشخصية
1-
رفع التحفظات عن المادة (16) من الاتفاقية الدولية (سيداو)
المتعلقة بالمساواة في قوانين الأسرة، والمادة (9) المتعلقة
بالمساواة في قانون الجنسية.
2-
إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية في لبنان.
3-
مطالبة الأحزاب والقوى العلمانية الأخرى بتبني مشروع القانون
المدني كاستراتيجية وطنية لها الأولوية في برامجها.
3- في
المواطنة والواقع الاقتصادي والاجتماعي
·
تعزيز الاقتصاد الوطني عبر تطوير
القطاعات المنتجة في الصناعة الوطنية والزراعة والتربية والتعليم
وسائر فروع الإنتاج الجديدة في التكنولوجيا والاتصالات
والمعلوماتية. وهذا يتطلب وضع رؤية لآلية عمل تؤمن حل مشكلة الدين
العام وتؤمن حماية الانتاج المحلي، كما تمهد لانتقال اقتصاد لبنان
الريعي إلى اقتصاد إنتاجي.
·
تصحيح السياستين النقدية والمالية،
وتعزيز المحاسبة والمساءلة وأجهزة الرقابة، وإجراء إصلاح إداري
شامل.
·
اعتماد الضريبة التصاعدية وتخفيض
الضرائب غير المباشرة بدل زيادتها، كالضريبة على القيمة المضافة.
·
إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي
وإعطاؤه صلاحيات تقريرية.
- وضع وتنفيذ
سياسات ناشطة لسوق العمل لتنمية عمالة أكثر استدامة. مما يساعد على
وضع حد لأزمة البطالة والحد من الهجرة، خاصة في صفوف العناصر
الشابة. وتوفير المقومات الأساسية لتعزيز عمالة المرأة واعتمادها
كاستراتيجية وطنية.
·
الحفاظ على دولة الرعاية الاجتماعية
وتحقيق قدر اكبر من التوازن بين الرواتب والأجور والتقديمات
الاجتماعية. وبين تكاليف غلاء المعيشة.
·
تحسين نوعية التعليم الرسمي وجودته
عبر :
-
تطبيق إلزامية التعليم الرسمي
ومجانيته واعتماده حتى سن 15 (مرحلة التعليم الأساسي) وتعديل قانون
عمالة الأحداث.
-
توحيد كتابي التاريخ والتربية
الوطنية في المناهج التربوية، وفرضهما على المدارس الرسمية والخاصة
على حد سواء.
-
تطبيق خطة النهوض التربوي
المقرة العام 1994، والاستراتيجية الوطنية للتعليم المقرة
العام 2007.
-
تحسين أوضاع الأساتذة والمعلمين
تربوياً ومعنوياً ومادياً.
-
دعم الجامعة الوطنية وتعزيز دورها،
وربطها بحاجات المجتمع وما هو ملائم لمأسسته تربوياً.
-
تعميم وتفعيل المجالس والاتحادات
الطلابية في القطاعين الرسمي والخاص.
-
إعطاء حق التنظيم النقابي لموظفي
القطاع العام.
·
تفعيل دور الضمان الاجتماعي من أجل
مبدأ التكافل الاجتماعي وتوسيع نطاق تطبيق قانوني العمل والضمان
الاجتماعي ليشملا فئات العمال الزراعيين وصغار الحرفيين والخدم في
المنازل. واستحداث مراسيم تطبيقية للمساءلة والمحاسبة.
- توحيد أنظمة
التقاعد في القطاعين العام والخاص، وإقرار قانون ضمان الشيخوخة.
·
اعتماد رؤية شاملة وخطة عامة لمواجهة
مختلف جوانب الأزمة الصحية عبر :
- تأمين حق
المواطن في الضمان الصحي وإقرار البطاقة الصحية.
·
إقرار خطة سكنية عادلة ورفض تحرير
عقود الايجارات القديمة قبل إقرارها.
·
تعزيز الحركة النقابية وإرساء وحدتها
على أسس سليمة، والعمل على تحفيز العناصر الشابة (إناثاً وذكوراً)
للانخراط فيه، ومساعدتهم للوصول إلى مواقع القرار في الاتحادات
النقابية والعمالية.
·
متابعة العمل من أجل تعديل القوانين
التي ما تزال تميز ضد المرأه .
·
استكمال إصدار مراسيم تطبيقية متعلقة
بالقانون 220/2000 الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، وادماجهم في
الإدارة العامة والتشدد بتطبيق هذا القانون.
·
إنشاء وزارة التخطيط والتصميم التي
يعهد إليها إعداد ووضع دراسات لمشاريع تتعلق بالتجهيز والإنماء
والتنمية، والعمل على تنفيذها بالتنسيق مع مختلف إدارات الدولة
ومؤسساتها العامة في إطار سياسة عنوانها "التوازن التنموي
المناطقي العادل".
4- في
موضوع المواطنة و الإعلام
دعوة وسائل الإعلام الى مراجعة
شاملة إنطلاقا من المسؤولية الوطنية وحفاظا على وحدةالشعب والسلم
الأهلي وإعتمادالخطوات التالية :
-
الإهتمام بتدريب الفئات الشابة من
الإعلاميين والإعلاميات حول مفاهيم المواطنة .
-
التأسيس لسياسة إعلامية تسمح
بالمشاركة أمام الفئات المهمشة .
-
التوجه الى المواطنين والتخاطب معهم
من خلال اللغة العربية الأم الصحيحة .
-
إعادة الثقة للمواطن وممارسة الحرية
الإعلامية المسؤولة التي كرسها قانون تنظيم الإعلام، ومخاطبة
المجتمع بعيدا عن الشحن الطائفي و المذهبي وبما يخدم التوجهات
الوطنية.
-
إطلاق البرامج المدروسة التي تعزز
ثقافة الإنتماء الوطني لا الطائفي ، وترفع درجة الوعي لدى النساء
والأطفال من الفئة العمرية بين 12 و18 سنة
-
السعي للإستفادة من مختلف الكفاءات
العلمية والفكرية و الإجتماعية المختصة في إطارالتثقيف والتربية
على المواطنة .
-
تعزيزمشاركة المرأة في مواقع القرار
الإعلامي .
-
تعزيزالعلاقة مع هيئات المجتمع
المدني والإلتزام بنقل الأدوار والأنشطة التي تقوم بها وخاصة
المتعلقة بحقوق الإنسان.
كما دعى
المؤتمر السلطات المسؤولة الى:
-
العمل على ترسيخ الإستقرار الداخلي
من خلال استنهاض الإعلام الرسمي والإضطلاع بدور فعال في عملية
التنمية والإصلاح على الصعد كافة.
- تفعيل
الدورالرقابي للمجلس الوطني للإعلام.
-
صون الحريات العامة والدفاع عن
الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين المتعلقة بالعمل للرقابة على
السلطات وتصويب الأخط
|