الفساد المستشري في لبنان عقبة أساسية أمام بناء الدولة: أين يبدأ دور السلطات في المراقبة والمحاسبة ومتى ؟
الفساد آفة إجتماعية تجتاح العالم ، ولا عجب ان حدد له يوم عالمي، في التاسع من كانون الاول ، اضافة لصدور الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، التي يبقى تطبيقها الامر الأكثر الحاحا ، لما يظهر من اثار للفساد على مسالة تطبيق اتفاقيات حقوق الانسان التي تؤدي الى العدالة والسلام.
لقد درجت لجنة حقوق المرأة اللبنانية منذ العام ١٩٧٨ على تنظيم مسابقة يتبارى فيها طلاب المرحلة الثانوية وذلك لإثارة النقاش بينهم حول مواضيع وطنية سياسية واجتماعية وغيرها الكثير بالاضافة لقضايا حقوق المرأة .
ارادت اللجنة في حينه ، تشجيع فئة شبابية مهمشة ، كما غيرها من المهمشين في لبنان ، على ابداء الرأي في قضايا مصيرية عالقة ،حيث سيجد الشباب نفسه لاحقا ، نساء ورجالا ، في متاهة الحلول العالقة ايضا ، وفي شتى نواحي الحياة.
اجيال من الطلاب الثانويين ، شاركت وبحثت وقدمت الاّراء بشفافية ومسؤولية ، وأبدت مخاوفها وطلبت الحلول ، في وقت يمنع على الفئات الشابة المشاركة في العملية الانتخابية ، فمسألة تحديد سن الثامنة عشرة للاقتراع ، خارج نطاق البحث لدى صناع القرار و من بيدهم التشريع !
نذكر هنا ان موضوع المسابقة للعام ٢٠١٨ كان ” ظاهرة الفساد في لبنان ” ، طرح للمرة الثانية ، فقد سبق لنا ان نظمنا مسابقتنا للعام ٢٠١١ ، تحت عنوان ” الشباب ، بين مطرقة الفساد وسندان الطائفية ” .
وفي المرتين ، اللافت ان الطلاب بحثوا وتعمقوا واقترحوا ويبقى السؤال الاساسي ؛ من يحارب الفساد وليس كيف؟ وهل هناك مكان للنزاهة والشفافية؟
وفي لبنان، يأتي الفساد من عدة مصادر وأهمها: التخمين العقاري، الجمارك، الوزارات والمؤسسات التي تُقدم خدمات، الأملاك البحرية والنهرية، المخالفات، الرسوم، التهرّب الضريبي، المناقصات وغيرها. وأيضاً على صعيد التوظيف في القطاع العام ، والكثير الكثير من مكامن الفساد في الأداء السياسي والإداري وغيره يلحظ ويثبت يوميا في كل ما يعاني منه الشعب اللبناني من أزمات وكوارث ممكن ان لا يكون آخرها الإنهيار الإقتصادي المتمادي و الإنفجار المروع و المأساوي الذي زلزل حياة المواطنين ، في ظل العجز والفقر والوباء العالمي الخطير والمتمادي .
في اختصار الفساد المُستشري في لبنان متجذر و يبقى عقبة أساسية امام التطور الاقتصادي والإجتماعي، و يلعب دورا اساسيا في مسألة العدالة والمساواة بين الافراد ، وجدار أمام بناء دولة حديثة فيعزز الشعور باليأس ويشجع الأجيال الشابة على الهجرة نحو اوطان بديلة .
فأين يبدأ دور السلطات وخاصة الدور التشريعي في المراقبة و المحاسبة لدرء الفساد ، ومتى ؟