إنقاذ لبنان مسؤولية وطنية تتطلب أعلى درجات الاستنفار ، حفاظا على كرامة الشعب اللبناني وعلى السلم الأهلي
منذ أشهر عديدة يعيش المواطن اللبناني أسوأ الأزمات وأخطرها في مجمل نواحي حياته نتيجة تداعيات عقود من غياب المسؤولية السياسية وسيادة نظام المحاصصة الذي كرسه النظام الطائفي منذ ولادة لبنان ، وبالرغم من انتفاضة الشعب اللبناني الأخيرة التي بدأت في ١٧ تشرين والحراكات السابقة لها : ضد الفساد ولمواجهة السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة ومن أجل إحداث تغيير جذري في طبيعة الحكم وآليته كما من أجل النهوض بالوطن والعمل على حماية المواطنين في أمنهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والقضائي . ورغم تسجيل تقدم ملحوظ على مستوى تزايد الوعي الوطني على حساب الوعي الطائفي والمذهبي لدى العديد من المواطنين لاسيما الفئة الشابة ؛ نرى أن كل ذلك لم يستطع أن يحدث تغييرا حقيقيا في أداء
السلطة واداراتها العامة .
أما جائحة “كوفيد ١٩ ” المتزايدة باطراد في لبنان والعالم ، فقد كشفت الفجوات الهائلة في النظام الصحي والخدماتي والتعليمي وغيره ، وفاقمت الانهيار الاقتصادي والفقر والحاجة، وقضت على قطاعات كثيرة أساسية وإنتاجية … ورفعت نسبة البطالة إلى مستويات قياسية .
ثم جاءت الكارثة المدمرة التي فجرت مرفأ بيروت والتي أغرقت البلد في مآس لا تعد ولا تحصى ، فأوقعت أعدادا كبيرة جدا من الضحايا بين قتيل وجريح، وأغرقت النظام الصحي في خدمة آلاف المصابين والجرحى ، إضافة الى عدد من المفقودين … ناهيك عن تضرر آلاف المؤسسات ومئات المنازل وتشريد السكان .
الآن، السلطة الرسمية والإدارات العامة هي المسؤول المباشر والملزم بانقاذ ما تبقى … ! وهي المعني دون جدال ببذل الجهود غير العادية من أجل ذلك . و يبرز أمام هذه السلطات والإدارات العديد من القضايا الأساسية التي تستوجب الاستنفار في المؤسسات كافة لرفع أثقال لطالما حملتها هذه السلطات للشعب اللبناني على مدى عقود ! وقد حان الوقت لوضع حد لذلك، ولتقديم المسؤولين مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن .
وفي هذا الظرف العصيب الذي يمر به لبنان اليوم ، وإذ يحمل الشعب المنكوب و بمؤازرة المجتمع المدني أوزار جريمة انفجار المرفأ وهدم العاصمة والانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي وزيادة انتشار الوباء ؛ فالمطلوب،دون تلكؤ، من السلطة الرسمية مهام لا تقبل التأخير وفي مقدمها:
⁃ إنصاف ضحايا انفجار المرفأ ومتضرريه، عن طريق التحقيق الشفاف والسريع ومحاسبة المسؤولين ايا كانوا أو كان سبب الانفجار ، ومعاقبة كل من تسبب بالجريمة وعدم الالتفاف على المصلحة العامة كما حدث في جرائم سابقة ، انطلاقا من إعادة الثقة بالقضاء الذي يتمتع بالكفاءات الحقوقية العالية .
⁃ متابعة البحث عن المفقودين مهما كان الثمن احتراما لقدسية هذه المسألة ، وتكريسا لحق أسرهم في معرفة مصير هم … ونذكر هنا أن أهالي المفقودين في الحرب الأهلية ينشطون حتى الساعة ضمن هيئة تتابع هذا الامر .
⁃ الإسراع بتشكيل حكومة مستقلة تلتزم قضايا الشعب بالدرجة الاولى ، لمدة محددة، لديها الرؤية العلمية والعصرية لوضع البرامج لإصلاحات تطال المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمالية والنقدية ، وتتمتع بصلاحيات إستثنائية ولمدة محددة، وتضع في مقدمة أولوياتها إقرار قانون انتخاب عصري خارج القيد الطائفي تأسيسا لنهضة المجتمع والتغيير المطلوب .
⁃ العمل الجدي والسريع لضمان حقوق المواطنين والتعويض عليهم والاشراف على ترميم وإعمار المنازل والمؤسسات التجارية والصحية والتربوية والثقافية ضمن المعايير المحددة ، وخاصة الحفاظ على تراث مدينة بيروت وتاريخها العريق .
⁃ دعوة وسائل الإعلام الى ممارسة الواجب المهني ضمن الحرية المسؤولة والشفافية ، والابتعاد عن التجييش السياسي والطائفي، بل من أجل شد اللحمة بين اللبنانيين عملا بالميثاق الإعلامي المعلن سابقا.
⁃ الإسراع بإيجاد آليات عملية جديدة والتنسيق بين الوزارات المختصة لرفع مستوى الوعي حول مدى خطورة وباء” كوفيد ١٩”وتحفيز المواطنين للالتزام بالتدابير الوقائية للحد من زيادة تفشي الوباء .