معاناة النساء مستمرة في الحرب والسلم والقرارات الدولية : حبر على ورق
الجائحة العالمية طورت التمييز ضد المرأة والعنف القائم على نوع الجنس.
“في لبنان : تشير ٥٤ ٪ من النساء الى زيادة في حالات التحرش والعنف والاعتداءات من الاسرة ومن المجتمع” .
٣ آلاف حالة عنف جنسي مرتبطة بالنزاعات في عام واحد ومعظم الضحايا نساء وفتيات.والقرارات الدولية حبر على ورق:
تحت شعار “العنف الجنسي المرتبط بالنزاع: التحول من الالتزام إلى الامتثال”، ناقش مجلس الأمن افتراضيا يوم الجمعة حالات الاغتصاب والعنف الجنسي في مناطق النزاعات وأوجه القصور في العدالة وجبر الضرر.
واستعرضت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في النزاعات المسلحة، بارميلا باتن، بعض ما جاء في تقرير الأمين العام السنوي عن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات. وقالت: “يرسم التقرير السنوي للأمين العام أمامنا اليوم صورة كئيبة ومخيفة للعنف الجنسي المستخدم كأسلوب من أساليب الحرب والتعذيب والإرهاب وأداة للقمع السياسي، من أجل تجريد السكان من إنسانيتهم، وزعزعة استقرارهم وتشريدهم قسرا”.
يوثق التقرير نحو 3،000 حالة من حالات العنف الجنسي المرتبطة بالنزاعات والتي تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة، ارتُكبت على مدار عام واحد. ، معظم الضحايا نساء وفتيات (89%)، لكنّ مئات الحالات التي تم التحقق منها طالت أيضا رجالا وفتيانا وأفرادا من مجتمع المثليين، كما تحقق التقرير من 848 حالة إساءة للأطفال.
ذكر الأمين العام في التقرير ضرورة تسخير قوة القيادة النسائية وتسليط الضوء على وجهات نظر وخبرات الناجيات من أجل الانتقال من مرحلة القرارات إلى مرحلة النتائج.
لذا يؤكد التقرير على ضرورة اتباع نهج يركز على الناجيات/ين على النحو الذي عبّر عنه مجلس الأمن لأول مرة في قراره 2467 (2019)، وهو نهج حلول مصممة خصّيصا لبناء المرونة والتطرق إلى التجارب المتنوعة التي مرّ بها جميع الأفراد المتضررين، ويعالج التفاوتات المتقاطعة والأسباب الجذرية لضمان عدم تخلّف أحد عن الركب أو استبعاد أحد من مكاسب السلام والتنمية.
وقالت المسؤولة الأممية عن العنف الجنسي: “إنه جريمة تمزق النسيج الذي يربط المجتمعات معا، تاركا التماسك الاجتماعي وشبكات الأمان رثّة. إنه سلاح بيولوجي وسلاح نفسي وتعبير عن هيمنة الذكور على النساء وجماعة على أخرى”.
وأكدت أن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات جريمة تعيق قضية المساواة بين الجنسين ومسألة السلام. “هذه قضايا متشابكة: المزيد من المساواة يعني استقرارا اجتماعيا أكبر، والعكس صحيح”.
يغطي التقرير 19 دولة تثير القلق، ويتضمن كل قسم قطري توصية محددة الهدف. وعلى سبيل المثال، في سوريا والعراق لم يتم بعد إطلاق سراح العديد من النساء الإيزيديات من أسر داعش ولا يزلن في عداد المفقودات وهنّ بحاجة ماسة إلى الخدمات، ولمّ شمل الاسرة .
ويورد التقرير أيضا 54 طرفا يشتبه بشكل موثوق في ارتكابها أو تحمّلها مسؤولية أنماط العنف الجنسي في المواقف المدرجة على جدول أعمال المجلس. “أكثر من 70% من المرتكبين ظهروا في القائمة لمدة خمس سنوات أو أكثر”.
ويعرض التقرير هذا العام للمرة الأولى تقييما لثغرات الامتثال، والذي يشير إلى التجاهل السائد للمعايير والالتزامات الدولية من قبل أطراف النزاع المسلح. ويجد أن غالبية الجناة لم يقدموا التزامات ذات مغزى للحد من الانتهاكات.
و أثرت جائحة كوفيد -١٩ على عمل الأمم المتحدة، ولكن، أشارت بارميلا باتن إلى أن احتياجات الناجيات/ين، لم تتغيّر. ودعت إلى تمكين الناجيات/ين وأولئك المعرّضين للخطر من خلال تعزيز الموارد وتقديم خدمات عالية الجودة لتعزيز البيئة المواتية التي يمكنهم فيها الإبلاغ عن الانتهاكات بأمان والسعي إلى الإنصاف، وشددت على تعزيز المساءلة باعتبارها ركيزة أساسية للوقاية والردع، وضمان أنه أن تخضع الأطراف للمساءلة إذا فشلت في الامتثال لالتزاماتها.
وقالت باتن: “خلف كل عدد، توجد قصة إنسانية. وكثيرا ما تكون قصة ناجيات/ين يسيرون وهم يشعرون بالعار، في حين يسير مرتكب الجريمة بحرية. إنها قصة قائد سياسي أو عسكري يشعر أنه فوق القانون، ومدني لا يحظى بحماية القانون”.
وأشارت إلى أن كل تقرير عن الاغتصاب في زمن الحرب يشهد أيضا عدم الإبلاغ عنه. ويرتبط هذا بالخوف من الوصم والانتقام وعدم الحصول على الخدمات ونظام العدالة والمعايير الاجتماعية الضارّة حول الشرف والعار وإلقاء اللوم على الضحية.
وتحدثت النجمة أنجلينا جولي، سفيرة النوايا الحسنة لدى مفوضية اللاجئين، عن “أكثر شرائح المجتمع إغفالا، وهم الأطفال” على حدّ تعبيرها. وقالت: “إن قرار مجلس الأمن رقم 2467 (2019) كان الأول من نوعه الذي يضع الناجيات/ين واحتياجاتهم وحقوقهم في مركز عملنا. لكن القرارات هي مجرد كلمات و وعود ، ما يساعدنا هو الوفاء بالوعود. كما يعلم كل عضو في هذا المجلس وكل والد/ة، لا شيء أسوأ من عدم الوفاء بوعد قطع لطفل”.
وتطرقت جولي إلى مسألة الإيزيديين في العراق عندما هاجمهم تنظيم داعش في 2014، واختطف واستعبد وعذّب آلاف النساء والأطفال. وقالت: “قُتل الكثير من الأطفال، ولكن نحو ألفين عادوا. الكثير منهم عانوا من حالات ما بعد الصدمة، والقلق والاكتئاب، وعانوا من تذكر الماضي والكوابيس… شهد الكثير من الأطفال مقتل أقرباء لهم واغتصاب أمهاتهم”.
وأشارت جولي إلى أن ثمّة نقص في الخدمات بسبب فشل المجتمع الدولي في توفير التمويل لذلك، وعدم وجود إرادة سياسية. وتابعت تقول: “العنف الجنسي والقائم على الجنس هو أكثر قطاع في الأمم المتحدة لا يحصل على التمويل الكافي: أقل من 1% من المساعدات الإنسانية. فكروا بعدد الأرواح التي سيتم إنقاذها إذا ضاعفنا ببساطة هذه النسبة”، وحثّت جولي الدول الأعضاء على الالتزام بالوعود والانتقال من الكلمات إلى الأفعال وتقديم التمويل اللازم لدعم الناجيات/ين. وقالت: “يتم استهداف البنات والأولاد من أجل إرهاب مجتمعاتهم بسبب انتماءات أهاليهم أو فائدتهم أو قيمتهم في السوق”. وأوضحت أنه في الكثير من الحالات، من بينها سوريا وميانمار، لم يتم مساءلة أي مرتكب واحد عن مزاعم جرائم عنف جنسي منهجية مرتبطة بالنزاعات. “هذه خيارات الدول الأعضاء، وخياراتنا. يجب أن نكون مستعدين للاعتراف بمواطن الفشل، والقيام بالعمل لدعم الناجيات/ين، وتغيير القوانين والسلوكيات، ومحاسبة المرتكبين”.