بيان غضب وإدانة صادرعن لجنة حقوق المرأة اللبنانية ,حول جريمة قتل الإعلامية الشابة عبير رحال
بيان غضب وإدانة
صادر عن لجنة حقوق المرأة اللبنانية
لا لثقافة الغلبة والقهر، لا للعنف
ضد المرأة ، لا لقتل النساء ،
نعم لتعميم ثقافة المساواة المستندة إلى العدالة والمساواة في المواطنة وحقوق الإنسان .
الأمر انتهى
قتلت الإعلامية الشابة عبير رحال على يد زوجها خليل مسعود الذي انتحر في اللحظة التي تلت ارتكابه جريمته النكراء في المحكمة الشرعية في بلدة شحيم في قضاء الشوف .
سباق إعلامي جرى لإعلان الخبر المفجع والجريمة المزدوجة
الإعلامية الشابة “عبير رحال” أصبحت رقما أضيف إلى القائمة اللامتناهية للنساء اللواتي سقطن في لبنان ويسقطن يوميا أو يغتصبن في منطقتنا العربيةوالعالم ،
سقطن ويسقطن ضحايا غطرسة ذكورية مرضية فارغة تبرر العنف ضد النساء وتبيح قتلهن ببساطة ! فالذكورية بهذا المعنى ، ليست إلا شكلا من أشكال الإمبريالية يمارس على النساء ! !
نحن “لجنة حقوق المرأة اللبنانية”، جمعية نسائية جماهيرية ديمقراطية علمانية تأسست العام 1947، أهدافها : الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الطفل في المدينة والريف ، والدفاع عن استقلال لبنان ووحدته وحريته وسيادته .
نحن لسنا مع النساء بمعنى أننا ضد الرجال كرجال ،إنما نحن ضد الذهنيات العتيقة والقوانين التي تظلم المرأة وتقلل من قيمتها وتجعلها في مرتبة دونية وتميز بينها وبين الرجل في كثير من القوانين القائمة كما في الممارسة . هدفنا الإمساك بيد المرأة لرفعها وتحريرها من سجون الأعراف والتقاليد وإخراجها إلى الضياء والفضاء ومساواتها بالرجل في المواطنة حقوقا وواجبات، باعتبار هذه الحقوق جزءا من حقوق الإنسان، سيما وقد ثبت أن المرأة مثلها مثل الرجل قدرات وأفعالا، وليس من اختلاف بينهما إلا في بعض الخصائص البيولوجية .
المرأة، هي التي يجب دعمها والأخذ بيدها في معركتها ضد أعراف وتقاليد وقوانين لفظها الزمن المعاصر بعد التغييرات العميقة التي حصلت فأبرزت الإمكانات الهائلة التي تختزنها النساء على جميع الصعد والتي تكشفت بعد أن فتحت أمام المرأة أبواب العلم والعمل .
لابد هنا أن أتوقف للقول بأن لجنة حقوق المرأة اللبنانية التي أنتمي إليها، هي التي أسست الجمعية الأولى في لبنان للعمل على مسألة “العنف الممارس على النساء والفتيات : “الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة” ففتحت مقرها مركزا لاستقبال المعنفات والاستماع إليهن وتوجيههن إلى المراجع الحقوقية أو الاجتماعية و النفسية… كون كل ما تتعرض له المرأة من ظلم وتمييز أو عنف، هو في صلب عمل اللجنة .
فمن هنا كان اتصال الصحفية الشابة عبير رحال بي دون سابق معرفة أو تواصل ؛ كان ذلك بتاريخ ١٣ – ١٢ – ٢٠٢٤ وذلك لتحديد موعد للاستماع إلى مشكلة خاصة بها لنتناقش معا في سبل الحل . وأخبرتني عبر الهاتف أنها تتعرض للعنف والضرب والتعديات من قبل زوجها خليل مسعود ، وأنها قد تقدمت منذ أربعة أشهر بالعديد من الشكاوى إلى مخفر قوى الأمن الداخلي في بلدة شحيم ، ثم قالت إنها تقدمت أيضا بطلب الطلاق من زوجها في المحكمة الشرعية في شحيم . ولكنها أردفت قائلة إن زوجها رفض الموافقة على الطلاق رفضا قاطعا ولايزال يرفض . ثم حكت أنها استنجدت بشخصيات محترمة من قوى أمن داخلي وإعلاميين مرموقين بهدف دعمها في الحصول على الطلاق، وأنها الآن تتصل بي لإخباري أنها تريد أن تتحدث معي وجها لوجه لعرض مشكلتها الشخصية الخاصة هذه ، فاتفقنا أن تعيد الاتصال بي في اليوم التالي لتحديد موعد اللقاء لأني كنت يومها خارج لبنان وعلى وشك العودة ؛ لكنها اتصلت بي بعد يومين لتقول : “الحمد لله، لقد وافق زوجي أخيرا على توقيع طلب الطلاق استنادا إلى الشكوى المقدمة من قبلي إلى مخفر شحيم بواسطة محامي” ، ثم تابعت قائلة : “لننتظر … قد وافق الآن على المثول أمام المحكمة الشرعية وأكد أنه سوف يوقع طلب الطلاق” ؛
ومنذ ذلك اليوم لم أتلق منها أي اتصال أوخبر ! فرجحت أنه قد وقع ، وأن المشكلة قد حلت !! لأفاجأ ،عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنه ، أي زوجها، قد قتلها داخل المحكمة الشرعية في شحيم ثم انتحر بعد أن لجأ إلى التحايل والكذب ليرتكب جريمته على مرأى من جميع من كان هناك ، تاركا وراءه “فيديو” كان قد أعده بدم بارد ، مشهرا بأسماء رجال حقوقيين وشخصيات أمنية وإعلامية واجتماعية مرموقة … مدعيا أن زوجته قد أقامت “علاقة معهم” !
بناء على ما تقدم أسجل التالي :
إن الزوج القاتل خليل مسعود الذي رفض التوقيع على طلب الطلاق الذي تقدمت به زوجته عبير، مفضلا قتلها وقتل نفسه ؛ من المرجح أن كبرياءه كرجل واعتداده بنفسه للسبب ذاته (وقد تربى حكما على ذلك)، هما السببان اللذان دفعاه إلى ارتكاب الجريمة رافضا الرضوخ لطلب “امرأة” مصممة على الطلاق منه هو “الرجل” !
أنت أيها الشاب القاتل لزوجته الشابة ولنفسه، أنا آسفة ، وحزينة عليكما معا !
أما حزني عليك فنابع من قناعة لدي بأنك لست قاتلا فقط ، بل أنت قاتل وضحية في الوقت نفسه؛ أنت ضحية ثقافة “تسلطية” قائمة على العنف والغلبة والقهر لا تزال تحكم المجتمع ؛ لكنك قاتل بجميع الحالات لأنك حكمت على زوجتك بالموت، ثم نفذت الحكم بهدوء وبرادة أعصاب معاقبة لها لتمردها على ظلمك ولطلب الطلاق منك . إذ ليس من شأنك أنت أن تعاقب، ولا من حقك أن تحل محل القانون !
كما أريد أن أذكرك أنه لو سلمنا جدلا بأنها كانت تقيم علاقة خارج الزواج ! (مع أن هذا، برأيي، ليس صحيحا !) لكن حتى لو افترضنا ذلك ؛ فإنه ليس من حقك أن تفعل ما فعلت !!!
الرجل يا عزيزي ليس هو القانون ! وبالتالي لست أنت القانون . عندنا قوانين في لبنان لها رجالها ونساؤها الحقوقيون ، وإني لأكتفي بأن أحيلك إلى هذه القوانين المرعية الإجراء حاليا ، مع تحفظي أو عدم قناعتي بعدالة العديد منها، ولكن أخبرك وأمثالك أن العمل جار لجعلها أكثر عدالة، جار ومستمر وسيبقى مستمرا ؛ إذ إن القوانين هي بنى فوقية تنظم العلاقات بين الناس أفرادا وجماعات ، وهي “متغيرة بتغير الأزمان” كما بحركة التطور الطبيعي والمعرفي .
لم يبق في قلوبنا إلا “الغضب” الذي ماانفك يكبر ويكبر ليهدر نهرا يجرف قذارات هذا العالم الذي يحاول عبثا إخفاء توحشه .
لقد تحولت الإعلامية الشابة عبير رحال إلى رقم ، وخيم الصمت… ولكن إلى متى؟
عائده نصرالله
رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية
30 – 12 – 2024