لجنة حقوق المرأة اللبنانية كرمت عزة مروة ومنحتها درعا تسلمتها عائلتها
كرمت لجنة حقوق المرأة اللبنانية رئيستها السابقة الراحلة عزة الحر مروة في احتفال أقامته، مساء اليوم، في “دار الندوة”، في حضور ممثل النائب الدكتور اسامة سعد مصباح الزين، الوزيرة السابقة وعضو اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة منى عفيش، رئيس المنتدى القومي العربي معن بشور، الرئيسة السابقة للجنة حقوق المرأة ليندا مطر، رئيسة المجلس النسائي اللبناني المحامية اقبال مراد دوغان، رئيسة قسم النشاط الثقافي في مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة في وزارة التربية والتعليم العالي هناء جمعة، رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية عائدة نصرالله الحلواني واعضاء الهيئة الادارية، مدير دار الندوة جهاد الخطيب، اعضاء من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني وقيادات حزبية وسياسية ونقابية، إضافة إلى ممثلين عن الهيئات النسائية وعائلة واقارب الراحلة.
بعد النشيد الوطني، كانت كلمة ترحيبية لمسؤولة فرع لجنة حقوق المرأة اللبنانية في كفر رمان خديجة قانصو.
جمعة
وعرضت جمعة “المسؤوليات التي تسلمتها عزة الحر مروة في وزارة التربية وخارجها”، وقالت: “نحن اليوم نكرم امرأة استثنائية شغلت مسؤوليات متعددة ولم تتعب حتى في عز المرض، كانت المربية والمرأة المناضلة من دون استكانة، ورافعة راية النضال من أجل القضايا المحقة أينما حلت. عزة الحر مروة العظيمة والمتواضعة، كانت لنا نعمة نمنحها كل يوم، على مدى سنوات، وهي أن نسمع كلمة صباح الخير من عزة. نعرف، وإن كان الوقت ما زال مبكرا، أنها قد أنجزت أشياء قبل وصولها. في أحيان كنا نمازحها بأن نقول لها كيف استطعت يا عزة أن تكوني في مكانين اثنين في وقت واحد، وهذا لم يقتصر على فترة عملنا معا، بل نحسب أن دأبها استمر سنوات، بل عقودا، من غير ملل أو تذمر او انقطاع. كان يحلو لها أن تسمي ذلك نضالا، في وقت كان فيه كثيرون يرون في العمل على تحصيل النساء حقوقهن نوعا من الترف الإجتماعي. كنا نأنس بوجودها، هي المحبة، والتي تعرف كيف تنشئ علاقة مودة فريدة بكل واحد منا. عزة لا تتعب، نقول، رغم مرضها ، ذاك العنيد، الذي لم يكف ولم يهادن، كان حملا آخر يضاف إلى الأحمال التي كنا نعجب كيف أنها لا تهوي تحت أثقالها. ربما كانت تلك الروح المرحة، لكن الجادة في الوقت نفسه، هي ما يتيح لها ذلك الرضى الداخلي، أو تلك النظرة المتفائلة إلى الحياة، رغم أن الحياة في نظرنا لم تكن عادلة تجاهها، هي متفائلة وإيجابية بحسب التعبير الشائع استخدامه في هذه الأيام، فيما على الدوام كان يمثل الخطر قريبا ومهددا”.
وتابعت: “برحيل عزة، لم نفقد زميلة، بل صديقة وحبيبة، بل مناضلة بطلة أعطت حياتها من دون أن تنتظر في المقابل شيئا لنفسها. نحن لم نستيقظ بعد، ولم نصدق بعد أننا خسرنا الصديقة الوفية والرفيقة الداعمة التي سخرت كل إمكاناتها للخدمة الإنسانية. ربما يكون ذلك القانون الذي يحكم البشرية يقضي بأن يودع بعضنا بعضا ، لكن وداع الأحبة والأصدقاء المخلصين جارح ومحزن وأليم”.
دوغان
وألقت دوغان كلمة قالت فيها: “لقد التقيت الفقيدة العزيزة عزة الحر مروة بعد نكسة 1967 لنعمل سويا على توعية النساء على المؤامرة التي أدت إلى نكسة 67، وندعو الجميع إلى عدم اليأس واستمرار النضال، وكنا نجمع النساء في بيوتنا وبيوتهن لنتداول في أمور بلدنا والمنطقة، وستستمر صداقتنا بعد حتى فقدان عزة بالجسد لأنها باقية في الضمير والروح من أعز الماضلات الصديقات”.
أضافت: “بدأت عزة حياتها العملية بالتعليم في الجنوب، وانتقلت بعد زواجها من السيد سحبان مروة إلى التعليم في المدارس الرسمية في بيروت، ثم التحقت بالعمل في قصر الأونيسكو وكلفت بمهام ضابطة الإرتكاز الجندري، وكانت مقررة للجنتها وشاركت في العديد من الدورات وفي إعداد إحصاءات حول النوع الاجتماعي في المديرية العامة للتربية. كما التحقت إلى جانب كل هذه المهام بالهيئة الإدارية للجنة حقوق المرأة اللبنانية التي كلفتها في سنة 1981 أن تكون مسؤولة الشرق الأوسط في الاتحاد النسائي العالمي. بعد ذلك، أسس اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة الذي يضم هيئات مدنية ونقابية وانتخبت عزة منسقة عامة لهذا اللقاء”.
وتابعت: “كنتم تجدون عزة في كل عمل وطني وفي كل عمل يرتبط بحقوق المرأة، خصوصا بعد أن أصيبت سنة 1994 بمرض سرطان الثدي، الذي قاومته بإرادتها الحديدية. ومنذ ذلك التاريخ، وهي تناضل ضد هذا المرض الخبيث وتكمل النضال الوطني والنسائي في الوقت نفسه. كنا نعلم أنها في علاجها في المستشفى ونفاجأ بها في الوقت نفسه في المناسبات النضالية. لقد كانت المنسقة العامة للقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة، الرئيسة السابقة للجنة حقوق المرأة، نائبة رئيس الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي، منحت في سنة 2014 وسام الأرز الوطني من رتبة فارس، وفي العام نفسه منحت وسام المعلم. لقد أصدرت سنة 2017 كتاب “السمفونية الخامسة””.
عفيش
من جهتها، قالت عفيش: “رحلت العزيزة عزة، فكانت مكافحة مؤمنة، مثابرة رؤيوية، في نضالها كمنسقة في اللقاء الوطني من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة، فنفحت في كل الأعضاء روح الاندفاع والعمل الدؤوب والشجاعة في المطالبة والملاحقة، وكانت المنسقة التي لا تكل ولا تتعب، تميزت بالنشاط الدائم والمثابرة، إلى جانب المناضلة ليندا مطر ومناضلات أخريات عديدات من أجل إنجاز النصوص التي تستند إليها منذ 20 عاما في تحركنا ضمن اللقاء الوطني والتنسيق والتعاون مع ممثلات وممثلي الهيئات والنقابات والجمعيات والروابط لحملها واقرارها في مجلس النواب. 20 سنة مرت تخللتها الكثير من النجاحات التي حققها تحركنا، والتي كان لعزة بصمة ظاهرة في كل واحدة منها: تعديل قانون العمل في عام 1999 لجهة إقرار مبدأ مساواة الأجر ومنع صرف المرأة الحامل من العمل، قوانين وأنظمة الموظفين في الوظيفة العامة حيث تساوت الموظفة مع الموظف في مسألة ضمان أولادها، إنجاز القرارات المتعلقة بالضمان الإجتماعي وعدم تعديل قانون التنزيل الضريبي أو المرسوم 3950 المتعلق بالتعويض العائلي. كما قدمنا التعديلات في قانون العقوبات، حيث استطعنا إلغاء المادة المتعلقة بما يسمى جريمة الشرف”.
وختمت: “إن اللقاء الوطني من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة هو أول من خاض ولم يزل نضالين أساسيين: أحقية المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي أن تعطي أولادها جنسيتها تحت شعار “لأنهم أولادي جنسيتي حق لهم”، وهو أيضا أول من طرح مشروع لتطوير وتحديث قانون الإنتخابات النيابية، مستندا إلى مشروع الكوتا المرحلية الموقتة إلى جانب المطالبة بإلغاء القيد الطائفي ومشاركة الشباب. كل ذلك إضافة إلى التحرك من أجل قانون مدني للأحوال الشخصية”.
الصغير
وألقى مدير دار الندوة جهاد الخطيب كلمة رئيس الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي البروفسور الدكتور ناجي الصغير قال فيها: “24 عاما عشت مع عزة الحر مروة كمريضة، ثم صديقة، فأخت مليئة بالقوة والعزيمة لمكافحة مرض سرطان الثدي ومليئة بالحس الاجتماعي لتوعية السيدات غير المصابات ولمساعدة وتقوية السيدات اللواتي يخضعن للعلاج ولمساندة المرضى وعائلاتهم واصدقائهم لعبور فترة العلاج والعودة الى الحياة الطبيعية”.
أضاف: “نعم، كانت عزة مثالا أعلى لمقاومة المرض والعيش حياة طبيعية، ودائما مليئة بالامل والمحبة، كانت صديقة ومحبة لكل من يتعرف عليها من اطباء وممرضين وموظفين في العيادات والمستشفيات وصيادلة وموظفي ومسؤولي شركة التأمين والتعاونية ووزارة الصحة. رحلتها مع مرض السرطان تكررت مرة واثنتين وثلاث واربع. السرطان الاول كان سنة 1994، السرطان الثاني سنة 1997، الورم الدماغي سنة 1998، والسرطان الثالث سنة 2011. كم كانت صلبة هذه العزة، فرغم كل ذلك كانت تدخل البهجة في نفوس كل من يعرفونها، ولا تدع احد يقلق على صحتها أو عليها”.
وتابع: “قوية كانت بمقاومة أمراض جسدها وبنضالها الاجتماعي والسياسي لحقوق المرأة خصوصا، وحقوق الانسان عموما. وكانت من اوائل السيدات اللواتي خرجن بالعلن وقلن عندهن سرطان الثدي من اجل نشر التوعية والمطالبة بأن تحصل كل مريضة على افضل علاج. كانت معنا في تأسيس الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي. كما كانت نائبة الرئيس وناشطة مؤثرة”.
مروة
ثم تحدثت ابنة الراحلة لارا مروة فقالت: “أرسل سلامي ومحبتي للمناضلات والمناضلين من البلاد العربية المتواجدين معنا وغير المتواجدين، لأولئك أرسل لهم ألف تحية ووردة لأجل كلماتهم ورسائلهم لنا”.
وتوجهت إلى والدتها قائلة: “بعيدا عن حزن الفراق وألم الشوق، نعاهدك يا أمي أن يكون فكرك فكرنا، وأن نقف شامختين أنا وأختي فرح في وجه أي ظلم وأي اعتداء. سنناضل مثلك في سبيل القانون المدني للأحوال الشخصية وإقرار قانون ديموقراطي للانتخابات خارج القيد الطائفي”.
نصر الله الحلواني
وألقت نصر الله الحلواني كلمة قالت فيها: “كانت عزة زهرة النضال والأمل والحياة، امتلكت إمكانات كبيرة أهلتها لتولي مهام رفيعة في لجنة حقوق المرأة اللبنانية. وفي عام 1981، انتخبت لجنة حقوق المرأة اللبنانية مسؤولة عن الشرق الأوسط في المركز الإقليمي العربي للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، فانتدبت اللجنة عزة لتمثيلها في هذه المهمة. وحين أطلق اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة، بمبادرة من لجنة حقوق المرأة اللبنانية عام 1998، تسلمت عزة مهمة منسقة لهذا اللقاء فكانت بذلك جديرة”.
أضافت: “ترافقنا، عزة وأنا منذ انتسابنا في عام 1975 إلى لجنة حقوق المرأة اللبنانية، وخضنا معا وخاضت اللجنة معارك على أكثر من صعيد. كنا وكانت عزة في خضم الحركة النضالية الوطنية، فلم تأل جهدا، ولم توفر عناء، شأنها في هذا الجانب، كما في نضالنا معا من أجل حقوق المرأة اللبنانية وإلغاء التمييز اللاحق بها في القوانين والممارسة.
فكانت عزة حركة لا تهدأ في هذا السبيل، وأثمرت الجهود في انتزاع اعتراف ملموس بدور المرأة ومكانتها، وحققنا إنجازات قانونية”.
وختمت: “أرادت عزة أن تكتب سطرا من نور في سجل الحياة، فنذرت نفسها لخط فكري تقدمي وطني ديمقراطي، ولقضية امرأة أرهقها الظلم فناءت تحت ثقل مئات آلاف السنين من القهر والتقاليد والذهنيات التمييزية العتيقة. لقد ألفتها قاعات المؤتمرات المحلية والعربية والدولية، وأدمنت على حضورها الوازن حلقات النقاش”.
درع وفاء
وفي الختام، سلمت لجنة حقوق المرأة اللبنانية عائلة الراحلة درع وفاء وتقدير.