كلمة رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية عائده نصرالله في ذكرى مرور سنة على وفاة رائدة العمل النسائي والوطني ليندا مطر
كلمة رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية عائده نصرالله في ذكرى مرور سنة على وفاة رائدة العمل النسائي والوطني ليندا مطر
السبت ٣ شباط ٢٠٢٤
التقيت السيدة ليندا مطر في السنوات الأولى من سبعينات القرن الماضي حين كنت أدرس ورفيقتي في منزلها الكائن في الشياح تحضيرا لامتحانات الشهادة الثانوية الرسمية، وعند انصرافي رافقتني صديقتي إلى مدخل المبنى، حيث فوجئت بحشد من النساء يجلس: بعضهن على المقاعد، أما العدد الأكبر منهن فيفترش سجادة كبيرة ويستمع لسيدة تحاضر فيهن . سألت رفيقتي عما يجري، فأجابت أن السيدة تتحدث عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين وأنها، أي صديقتي، قد رأتها قبلا، ثم أردفت: هل تريدين أن تدخلي؟ فأجبت بالإيجاب ثم دخلت ورفيقتي وأصغيت… فسمعت كلاما يعبر عن أفكار طالما راودتني وأؤمن بها ولكن لا أعرف أن أقولها ! انتهت المحاضرة وشرع الحضور بالخروج، وسرت باتجاه منزلنا سيرا على الأقدام ، وما لبثت أن رأيت نفسي أسير إلى جانب تلك السيدة، نسير بالاتجاه نفسه. فانبرت سائلة : إلى أين أنت ذاهبة ؟ قلت إلى بيتنا في الجهة المقابلة أي في عين الرمانة ، قالت إذا نسير معا، فأنا ،كذلك ، بيتي هناك، ثم تابعت : هل أعجبك ما سمعت؟ قلت نعم ، قالت لاقني إذا غدا في مارالياس حيث منزل زميلتي مارسيل عبدالصمد ، نحن نعمل هناك على دراسة تتعلق بالمرأة العاملة في الصناعة والزراعة في لبنان ،فوافقت ووجدت نفسي في اليوم التالي بين مجموعة من أعضاء لجنة حقوق المرأة يعملن بجد على تفريغ الاستمارات الميدانية المتعلقة بهذه المسألة… ولم يطل بي الزمن حتى أصبحت واحدة من أعضاء لجنة حقوق المرأة منذ ٤٩ سنة ولا زلت …
يومها كانت ليندا أمينة سر اللجنة، وما لبثت أن انتخبت رئيسة في العام ١٩٧٨…
منذ تلك الحادثة وأنا أتساءل عن السر الذي يجعل هذه السيدة مختلفة ومؤثرة !!
بعض ما قيل فيها:
– “إنها واحدة من مئة امرأة يحركن العالم” – ( اختارتها مجلةعالمية (marie claire)” )
-ليندا مطر السيدة التي حلمت بإنسانية جديدة
– كبيرة المناضلات التي ألهمت الوجدان النسائي روح الثورة والتمرد على الظلم والجهل والطغيان
-اعتبرت ليندا مطر أن قضية المرأة هي قضية سياسية، وبالتالي لا يمكن معالجتها إلا ضمن نظام سياسي يحترم حقوق الإنسان والمساواة الكاملة بين جميع المواطنين على قاعدة وطنية عربية تدافع عن الإنسان والإرث والتاريخ .
أيتها السيدات والسادة
إنجازات وقوانين عديدة لصالح المرأة اللبنانية تم إقرارها وشكلت تقدما بينا استفادت بنتيجته النساء اللبنانيات،كانت وراء إقرارها ليندا مطر ولجنة حقوق المرأة اللبنانية، واللقاء الوطني لإلغاء التمييز ضد المرأة ، الذي أنشئ بمبادرة من الزميلة ليندا مطر بعيد انضمام لبنان إلى الاتفاقية الدولية “سيداو”.
…سنة مضت على رحيلك أيتها العزيزة، وقد كنت منارة لنا وهديا نسترشد به على الدوام، واستمر ذلك حتى بعد أن أتعبتك الأيام…
عائلة الفقيدة
أيها المشاركون والمشاركات الكرام
لقد عرفت لجنة حقوق المرأة اللبنانية، برئاسة ليندا مطر وقيادتها، وضوحا في الرؤية ودينامية إستثنائية في النضال النسائي، وكان لها الفضل، بالآضافة إلى إكمال مسيرة مؤسسات اللجنة الرائدات ، كان لها الفضل في نقل لجنة حقوق المرأة اللبنانية من مرحلة التأسيس النوعية ، إلى مرحلة التأثير الجذري والفعالية في التغيير في واقع المرأة اللبنانية وفي نشر ثقافة حقوق المرأة كما الإسهام الكبير في التقدم المحرز في تعديل أو استحداث القوانين الرامية إلى تحقيق العدالة للنساء .
أيتها العزيزة ليندا
من حقك علينا أن نعترف لك بأننا بحثنا عن سر تميزك، فعيينا، ولم ننجح إلا في اعتناق رؤيتك والسعي لسلوك نهجك والارتواء من ينبوع كفاحك وفيض إنسانيتك ! !
عندما كانت ليندا تنبري للإدلاء برأيها في مسائل خلافية أو إشكالية في الندوات والمؤتمرات والمحافل المحلية والدولية، كنت أتساءل: ماذا تراها تقول؟ وما الموقف الذي ستتخذه؟
وفي كل مرة كان يأتي كلامها قاطعا وموقفها صائبا حاسما للجدل…حتى اعتقدت أنها امرأة لا تخطئ !!
لاشك ، أنك تتساءلين أيتها العزيزة عن الوضع على الصعيدالوطني العربي عامة ولبنان وفلسطين وغزة خاصة، كنا قبل رحيلك مجموعات طائفية ومذهبية، وأصبحنا اليوم قطعانا لا نعرف إلى أين نحن ذاهبون!!
إننا نفتقد وجودك اللامع المنير في عتمة هذا الزمن!!!
هل تتذكرين لبنان المأزوم على الصعد الحياتية كافة؟ لا بد أنك تعلمين ذلك، ولكني أقول لك إن أزماته قد حولها الفاسدون وغير ذوي الكفاءة كما أصحاب الأجندات المتعددة الغايات والمقاصد حولوها إلى انهيار سيتضاعف خطره ما لم نسارع إلى إيقافه.
أما في غزة، وبين مزدوجين”فيبدو أنه جرى الاعتداء دون مبرر على مستوطنات الصهاينة المساكين الأبرياء من قبل الغزاويين المعتدين” فاستوجبت إبادتهم وسحقهم وإجبارهم على ترك منازلهم وهدم تلك المنازل على رؤوسهم فأبادوا أكثر من ٢٧ ألفا من سكان غزة جلهم من النساء والأطفال، مرتكبين المجازر
والإبادة الجماعية ضد فلسطنيي غزة لأنهم تجرؤوا على المطالبة بحقهم باستعادة أرضهم!! فيالها من مفارقة !
حقا إنه لعالم مختل المقاييس…
أما لبنان فهو غارق في انقساماته الطائفية والمذهبية ولا رئيس للجمهورية في الأمد المنظور .
والدول العربية هي الأخرى مشغولة بما هو أهم من محاولة إيقاف الإبادة الجماعية في قطاع غزة! ! إ ففي مقدمة أولوياته اليوم عنوان واحد هو النهوض التكنولوجي والحضاري واللحاق بالغرب! إضافة إلى الهرولة نحو التطبيع ….
المشهد مؤسف فلكل من هذه الدول مصالحها وحساباتها!! ولكن في يدها أكثر من سلاح لمواجهة الصهاينة ولفرض وقف القتال والمذابح والتدمير الممنهج وحرب الإبادة الجماعية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية،إذا أرادت
وحدها دولة جنوب أفريقيا تنبهت وبشجاعة وبدراسة معمقة فتقدمت بشكوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي متهمة الصهاينة بالإبادة الجماعية.
وهل تعلمين عزيزتي أن قرار مجلس الأمن الدولي ١٣٢٥ (حول المرأة والأمن والسلام) المناط به حماية النساء أثناء الحروب والنز اعات المسلحة لا أثر له لا في غزة ولا في السودان ! !
لعل الله ، ولرقة أحاسيسك وعمق إنسانيتك، أراد أن يجنبك رؤية حلمك النبيل بإقامة العدالة والسلام وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحمايتها من العنف ، ولاسيما ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، لعله أراد أن يجنبك رؤية هذا الحلم يتهاوى وينهار لاسيما في غزة والضفة والسودان النازف…
السلام لروحك أيتها القيادية الرائعة ،
وأقتبس:
النضال الصادق لا يموت،
فكر العدالة لا يرحل،
لمواجهة الظلم أسماء شجاعة،
لحقوق المرأة وجوه ريادية،
إنها ليندا مطر
عائدة نصرالله
رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية