سيبقى الثامن من آذار ، يوما عالميا ” علمانيا ” في مسيرتنا . هنيئا لنساء طليعيات قطعن بكفاحهن أميالا في مسيرة حقوق المرأة.
الف تحية تقدير وحب للمناضلات الأوائل في لجنة حقوق المرأة اللبنانية اللواتي كرسن يوم المرأة العالمي في لبنان .
العام ١٩٤٨ ، وبعد سنة واحدة على تأسيس لجنة حقوق المرأة اللبنانية ، والتي كانت المنظمة النسائية الوحيدة التي انتسبت الى الاتحادالنسائي الديمقراطي العالمي في ذلك الوقت …وفي الثامن من آذار من ذلك العام ، شاركت رئيسة لجنتنا مع مجموعة من النساء والرجال في تنظيم احتفال لمناسبة الثامن من آذار ، وكان مقررا في التياترو الكبير وسط مدينة بيروت . لكن التياترو كان مقفلا وبحراسة أمنية ، والسبب المعلن انه: ” يحظر الاحتفال بهذه المناسبة في لبنان لانها مستوردة” !! يومها لم يتراجع الجمهور المشارك بل سار باتجاه مخفر الجميزة ( بيروت ) ، رافعا شعار : ” حقوق المرأة حقوق المجتمع”.
و اعتقلت السلطات الأمنية عشرات السيدات المشاركات ممن كن في مقدمة المسيرة ومن بينهن المناضلة في صفوف لجنة حقوق المرأة حتى هذا اليوم : “جورية صدقة غربية ” ومنذ ذلك التاريخ دأبت منظمتنا على إحياء هذه المناسبة سنويا عبر احتفالات خطابية وفنية في قصر الاونسكو احيانا ، وعبر مؤتمرات واعتصامات ومسيرات احيانا أخرى . وفي آذار العام ١٩٧٨ وفي خضم الحرب الأهلية اللبنانية ، وفي منطقة الطريق الجديدة ( بيروت ) منعت ناشطات في منطمتنا من تعليق يافطة تحمل شعار يوم المرأة العالمي وكذلك أوقف ميكروفون متجول يدعو النساء الى المشاركة في الاحتفال المركزي الذي تنظمه اللجنة لهذه المناسبة في قصر الاونسكو في بيروت . لقد ناضلت منظمتنا منذ عقود وفي ظروف صعبة وجهدت من اجل نشر الوعي حول حقوق المرأة وقضايا الوطن محليا وعالميا ، ولم يكن ذلك الزمن مثل اليوم زمن التقدم التكنولوجي والتواصل الإلكتروني ، ومن المفارقات ان اصبح لبنان اليوم ومنذ سنوات قليلة ، عبر بعض مؤسساته الرسمية ، يحيي يوم المرأة العالمي رافعا الشعارات التي تحمله مسؤولية العمل والتشريع والحماية ، حتى لا تبقى فارغة وخاوية من مضمونها الإنساني والحقوقي ، وشاهدنا هنا غياب القوانين المدنية والإصرار على التحفظات على مواد أساسية من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، هذا محليا .
اما عالميا ، فقد قطعت مسيرة يوم المرأة العالمي أزمانا ، هي عقود من الكفاح والجهد بنتها المرأة عالميا طامحة الى العدالة والمساواة والأمن الإنساني ، في وقت انهكت تداعيات الحروب في العالم ، الانسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص ، حيث لم تشفع لها الاتفاقيات الدولية التي تحمي وتنظم واقعها الإنساني و خير دليل على استمرار الانتهاكات لحقوق المرأة ، صدور القرار ١٣٢٥ ، العام ٢٠٠٠ الذي يشكل اول وثيقة رسمية قانونية صادرة عن مجلس الأمن والتي تدعم المرأة وتدعو الى مشاركتها في صنع القرار في الحرب وفي السلم والى حمايتها من العنف والتمييز ، مع الإشارة الى ان الوعي لمضامين هذا القرار بقي نسبيا وخاصة في الدول العربية .
و اليوم نجدد احياء ٨ آذار ، واجب الوفاء لنساء عبرن قبلنا ، وعمدن هذه المناسبة بوعيهن للمستقبل وبكفاحهن ودمائهن ؛ فمن حراك عاملات مصانع النسيج في نيويورك على خلفية الفقر والأمية وولادة اول نقابة للعاملات ، الى تظاهرات النساء العام ١٩٠٨ تحت شعار خبز و ورد ، الى مؤتمر كوبنهاغن العام ١٩١٠ رفضا للحرب العالمية والذي اقرت المجتمعات فيه يوما عالميا للمرأة ، وتزامنا ايضا مع تشكل الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي لا يزال حتى يومنا هذا ، المناصر والمدافع والداعم لنساء العالم في الحرب والسلم ، كلها محطات تاريخية ثابتة أدت الى ، ان تتبنى هيئة الأمم المتحدة الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة واصدرت قرارا في العام ١٩٧٧ ، باعتماده “يوما دوليا” للمرأة.
تحية تقدير واحترام للنساء الطامحات المبدعات اللواتي اقترحن يوما عالميا للمرأة منذ عقود وايضا للنساء اللواتي كرسن هذه المناسبة بنضالهن المتواصل أملا بالاحتفال بالإنجازات وليس فقط بالثامن من آذار .