الثامن من آذار : يوم نضالي في مسيرة لجنة حقوق المرأة اللبنانية منذ بداياتها ، وبامتياز
تحية للمناضلة الغائبة اميلي فارس ابراهيم، أولى رئيسات لجنة حقوق المرأة اللبنانية وتحية للمناضلة ثريا عدرة، وهن أوائل الرائدات في لجنة حقوق المرأة اللبنانية اللواتي أحيينا يوم المرأة العالمي ، منذ منتصف القرن الماضي .
و تحية للمناضلة الإستثنائية ليندا مطر التي جهدت فيما بعد لترسيخ قيمة الثامن من آذار مدماكا اساسيا في مسيرة حقوق المرأة اللبنانية على مدى عقود . وتحية الى كل من ناضلن في صفوف منظمتنا النسائية في الحرب والسلم من اجل المواطنة الكاملة .
كانت بدايات التأسيس للثامن من آذار في العام ١٨٥٧ ، فقد نفذت عاملات المصانع في نيويورك ، احتجاجا سلميا حيث كن يعملن تحت ظروف لا إنسانية منها ١٦ ساعة عمل وغياب الضمانات الصحية و عمالة للأطفال في سن مبكرة … الخ ، وكن عاملات مصانع النسيج وغيرها وكانت خلفياتهن الفقر والامية . يومها أطلقت الشرطة الرصاص على المتظاهرات وسقط منهن الشهيدات والضحايا . وعلى اثر ذلك ، تأسست اول نقابة لعاملات النسيج في ذلك البلد .
وفي العام ١٩٠٨ ، تظاهرت ايضا النساء في نيويورك طلبا لتخفيض ساعات العمل الى ٨ ساعات و منع تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع ، وجاءت التظاهرات تحت شعار “الخبز والورد ” حيث حملت النساء الخبز اليابس والورود في دلالة على ظروفهن الصعبة من جهة وعلى سلمية التحرك من جهة اخرى .
وخلال العام ١٩١٠ ، و مع بداية التحضير للحرب العالمية الاولى بين الدول الكبرى ، عقد مؤتمر في كوبنهاغن / الدانمرك وضم نساء مندوبات من مختلف دول العالم وتضمن ” الدعوة للسلام و رفضا للحرب “، و ذلك لما ستجره من ويلات على الشعوب وخاصة النساء والأطفال و لما سيشكلون الرجال من وقود لتلك الحرب . وفي ذلك المؤتمر اقرت النساء المجتمعات الثامن من آذار ، يوما عالميا للمرأة ، وتشكل ايضا في حينه الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، الذي لعب فيما بعد ادواراً هامة في قضايا حقوق النساء حول العالم ، ولا يزال ينشط في الدفاع عن حقوق المرأة حتى يومنا هذا .
وهكذا تحول ٨ آذار الى يوم عالمي للمرأة ، تخرج فيه النساء للتعبير عن آرائهن حول قضية حقوق المرأة وحقوق المجتمع .
و في العام ١٩٧٥ ، تبنت هيئة الامم المتحدة الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة ، وأصدرت قرارا رسميا باعتماد هذا اليوم مناسبة عالمية .
في لبنان ، تفردت منظمتنا النسائية وأحيت يوم المرأة العالمي و بطرق مختلفة لسنوات عديدة . و في منتصف تسعينات القرن الماضي بدأت بعض الجمعيات تحتفل به وخاصة على اثر انعقاد مؤتمر بيغين الاول تنفيذا لمقررات ودعوات الأمم المتحدة ووجد لبنان الرسمي نفسه مجبرا انذاك على تشكيل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ، حيث شارك في المؤتمر المذكور الى جانب وفد اهلي يضم جمعيات ناشطة من اجل حقوق المرأة ..وكان هذا الامر ضروري لأن قضية المرأة تستلزم الجهود الكثيرة من اجل وقف التمييز وإحقاق المساواة التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية .
وتجدر الإشارة هنا ان لجنة حقوق المرأة اللبنانية ارست مناسبة الثامن من آذار منذ تأسيسها ، بالرغم من مناهضة السلطات ومنع هذه المناسبة .ونستذكر انه في العام ١٩٤٨ ، وبعد سنة على تأسيس ” لجنة حقوق المرأة اللبنانية ” ، التي كانت قد انتسبت باكرا للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي ، وكانت رئيستها الثانية في حينه المناضلة ثريا عدرة ، وهي من أوائل الرائدات اللواتي دعون لتنظيم احتفال لمناسبة يوم المرأة العالمي ، وكان ذلك في “التياترو الكبير “في وسط بيروت وكان الحضور نساء ورجالا ، ولكن التياترو الكبير كان مقفلا ومحروسا من العسكر ، منعا للاحتفال بحجة ان المناسبة مستوردة !
يومها لم يتراجع المدعوون ، بل ساروا في مسيرة سلمية باتجاه مخفر الجميزة ، رافعين شعار ” حقوق المرأة هي حقوق المجتمع ” ، ويومها اعتقلت عشرة السيدات ممن كن في مقدمة المسيرة ، منهن المناضلة في صفوف لجنة حقوق المرأة حتى اليوم ، جورية صدقة غربية.