عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، تحت وطأة عنف خطر كورونا والضائقة الاقتصادية، وحمايتهن واجب الوزارات المعنية
انهن نساء ، انهن فقيرات ، انهن عاملات مهاجرات . ما هي قدرة السلطات اللبنانية على حماية عاملات المنازل الأجنبيات في وقت تهتز فيه البلاد تحت وطأة الانهيار الاقتصادي وخطر الجائحة العالمية .
و العنف ضد النساء العاملات في لبنان سلوك قديم مستجد ومرتبط بنظام الكفالة الذي يناقض مبدأ حقوق الانسان اساسا ، حيث ان قانون العمل اللبناني، لا يشمل عاملات المنازل فينظِّم شؤونَهن نظامُ الكفالة الذي يربط الإقامة القانونية للعاملة بعلاقة تعاقدية مع صاحب العمل. ولا تستطيع العاملة تغيير عملها بدون موافقة صاحب العمل، مما يسمح لأصحاب العمل المتعسفين بإرغام العاملات على قبول شروط عمل تتسم بالاستغلال. إن نظام الكفالة لا يتوافق مع القوانين الوطنية التي تكفل الحريات والكرامة الإنسانية، وتوفر الحماية لحقوق العمال، وتجرِّم العمل الجبري والاتجار بالبشر. كما أنه يتناقض، بشكل مباشر، مع التزامات لبنان الدولية.
اما الاستغلال والعمل المتواصل والحرمان من الراحة الاسبوعية وحجز الأجور و الاعتداءات اللفظية و الجسدية وغيرها الكثير من الممارسات اللانسانية فقد دفعت وتدفع الكثيرات الى الانتحار .
وقد وثقت منظمات دولية ولبنانية خلال سنوات ، العديد من الأعمال العنفية والعنصرية التي مورست من “اصحاب العمل ” و من ” مؤسسات الاتجار ” بالعاملات المنزليات المهاجرات .
وقد برزت الى الواجهة ، خلال ازمة فايروس كورونا وما رافقها من ازمات اجتماعية واقتصادية ، ازمة أجور العمالة الأجنبية التي ترتبط بشكل وثيق بأزمة الدولار الاميركي ، حيث اختل عقد العمل الذي ينظم حقوقها ، واصبحت في دائرة الخطر .
في الأسابيع الأخيرة ، تجمعت العشرات من النساء الإثيوبيات خارج القنصلية الإثيوبية في بيروت. وقد تخلى عن بعضهن أصحاب عملهن من دون دفع أجورهن أو إعطائهن أمتعتهن أو جوازات سفرهن. وتتحمل وزارة العمل المسؤولية عن إنفاذ أحكام عقد العمل الموحد الذي يكفل للعاملات المهاجرات الحق في الحصول على أجورهن وعلى السكن.
هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: قالت “هؤلاء النسوة هن من ضمن أكثر الأشخاص تهميشاً في المجتمع، ويتحملن عبء الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بفعل وباء فيروس كوفيد–19”.”ولا تستطيع الحكومة اللبنانية تجاهل محنتهن؛ إذ إنه بموجب نظام الكفالة لا تقيد حقوقهن فحسب، بل تتعرض حياتهن للخطر أيضاً، لاسيما مع تزايد أنباء الانتهاكات التي تُرتكب في المنازل خلال فترة الحجر.”ويتعين على وزارة العمل، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الداخلية العمل سوياً للمبادرة بلا تباطؤ إلى إجراء تحقيق وتجنب تفاقم هذه الأزمة التي تتكشف فصولها.
“يتوجب على الوزارات المذكورة المبادرة فوراً إلى توفير السكن، والطعام، والرعاية الصحية، وغيرها من وسائل الدعم لعاملات المنازل المهاجرات اللواتي خسرن وظائفهن”.
وتدعو منظمة العفو الدولية وزارة العمل إلى إنشاء وحدة تفتيش للعمالة مخصصة تحديداً لمراقبة أوضاع عمل عاملات المنازل المهاجرات كي يتسنى لها أن تتصرف دون تأخير في حال إخلال أصحاب العمل بالعقد. وينبغي على وزارة العمل أيضاً أن تضع آلية سريعة للإستجابة لتسوية نزاعات العمل بما يكفل حصول العاملات على رواتبهن غير المسددة، ومبادرة أصحاب العمل إلى دفع ثمن تذكرة السفر إذا ما رغبت العاملة في العودة إلى وطنها الأم، وفقاً للترتيب التعاقدي.
وتعد عاملات المنازل الإثيوبيات أغلبية عاملات المنازل المهاجرات في لبنان.
وبحسب وزارة العمل اللبنانية فإن 144986 عاملة منزل إثيوبية لديهن تصاريح عمل جديدة أو مجددة صادرة لهن اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني 2018. بيد أن هذا الرقم لا يأخذ في الحسبان آلاف عاملات المنازل الإثيوبيات غير النظاميات في البلاد اللاتي لا يحملن أذون عمل.
في 28 مايو/أيار، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 10 عاملات منازل إثيوبيات. قال بعضهن أن أصحاب عملهن توقفوا عن دفع أجورهن ورفضوا إعطاءهن تذاكر سفر للعودة إلى بلادهن، كما ينص عقد العمل الموحد الذي يهدف إلى حماية حقوق العمل العائدة لعاملات المنازل.
تنام ماكدة* – 21 عاماً – على الرصيف خارج القنصلية الإثيوبية بعدما تركتها صاحبة العمل هناك مع أمتعتها رغماً عنها.
في 1 يوليو/حزيران، أبلغ أحد مسؤولي وزارة العمل منظمة العفو الدولية أنه لا علم لهم بحالات العاملات اللواتي تخلى عنهن أصحاب عملهن، وأصبحن مشردات بلا مأوى. وقد وعد بإجراء تحقيق فوري في المسألة.
و أجرت منظمة العفو الدولية أيضاً مقابلات مع عاملات غير نظاميات كن ينتظرن تسجيل أسمائهن في القنصلية لإعادتهن إلى وطنهن وهن غير قادرات على دفع ثمن تذكرة رحلة العودة جواً إلى إثيوبيا. وقالت إحداهن: “ليس لدي نقود ولا عمل، فكيف يمكنني دفع ثمن تذكرة العودة البالغ 680 دولاراً أمريكياً؟”.
وقد رفضت القنصلية الإثيوبية – برغم الطلبات المتكررة – التعقيب على ما إذا كانت تقدم مساعدة نقدية أو سكن وسواهما من ضروب الدعم للعاملات غير النظاميات.
وفي 15 مايو/أيار، أعلنت المديرية العامة للأمن العام – التابعة لوزارة الداخلية – أن عملية “العودة الطوعية” للعمال الإثيوبيين والمصريين المهاجرين ستبدأ في 20 مايو/أيار. وقد بعثت منظمة العفو الدولية برسالة إلى المدير العام للأمن العام المفوض قانونياً بمراقبة دخول جميع الأجانب إلى لبنان، إقامتهم فيه وخروجهم منه – في 18 مايو/أيار للاستفسار عن الإطار الزمني لهذه العملية، وما إذا كانت تشمل كل من العمال المهاجرين النظاميين وغير النظاميين على السواء، علاوة على عاملات المنازل المهاجرات المحتجزات، وعن ماهية الآلية القائمة لضمان حصول هؤلاء العمال على رواتبهم غير المدفوعة قبل مغادرتهم. وتنتظر المنظمة ردّاً من الأمن العام على الرسالة.
و يعيش في لبنان ما يفوق 250,000 عامل منزل مهاجر – معظمهم من النساء – ينتمون إلى دول إفريقية وآسيوية ويعملون في منازل خاصة. وتبقى عاملات المنازل المهاجرات عالقات في نظام الكفالة – وهو نظام رعاية لعاملات المنازل المهاجرات ينطوي على إساءة المعاملة بطبيعته، الأمر الذي يزيد من خطورة تعرضهن للاستغلال والعمل القسري والاتجار بالبشر، ولا يتيح لهن آفاقا تُذكر تتيح وصولهنّ إلى الإنصاف والعدالة.
وفي تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في أبريل/نيسان 2019 بعنوان بيتهم سجني‘ : استغلال عاملات المنازل المهاجرات في لبنان تبين لها وجود أنماط متسقة من الانتهاكات، من ضمنها إقدام أصحاب العمل على إكراه عاملات المنازل على العمل ساعات طويلة جداً، وحرمانهن من أيام الراحة، والامتناع عن دفع أجورهن أو الاقتطاع منها، ومصادرة جوازات سفرهن، وتقييد حرية تنقلهن واتصالاتهن بشدة، وحرمانهن من الطعام والسكن اللائق، وتعريضهن للشتائم والأذى البدني، وحرمانهن من الرعاية الصحية. وقد وثّقت منظمة العفو الدولية أيضاً عدداً من الحالات القصوى حيث تعرّضت العاملات لحالات من العمالة القسرية والاتجار بالبشر.
وفي مارس/آذار 2020، ساهمت منظمة العفو الدولية في المشاورات المتعلقة بإعادة النظر بعقد العمل الموحد الخاص باستخدام عمال المنازل المهاجرين إلى لبنان. وتدعو المنظمة وزير العمل إلى ضمان أن المسودة المعدّلة من العقد تتضمن أحكاماً تعالج حالات الإجحاف الحالية، وانعدام توازن القوى بين صاحب العمل والعامل والجوانب التقييدية الأخرى لنظام الكفالة.